وَإِنْ أَخَّرَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا.
مُتَلَاشِيًا فَلَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ إلَّا لِسَبَبٍ آخَرَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا) مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَاهِلًا، أَمَّا لَوْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ كَانَتْ أَيْضًا فَاسِدَةً.
وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْفَرْضُ جَهِلَ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ وَأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي صِحَّةِ الْعِشَاءِ إذَا أَخَّرَهَا لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّ اجْتِهَادٍ فَلَا وَجْهَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ تَقْدِيمِهَا وَتَأْخِيرِهَا، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ وَإِنْ قَدَّمَهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ جَاهِلٌ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَائِتَةِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ. وَالْجَوَابُ يُعْلَمُ مِنْ جَوَابِهِمْ لِطَلَبِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا لَهَا حَيْثُ تَجِبُ إعَادَةُ الْعَصْرِ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ.
وَمَا لَوْ صَلَّى هَذِهِ الظُّهْرَ بَعْدَ هَذِهِ الْعَصْرِ وَلَمْ يُعِدْ الْعَصْرَ حَتَّى صَلَّى الْمَغْرِبَ ذَاكِرًا لَهَا حَيْثُ تَصِحُّ الْمَغْرِبُ إذْ قَالُوا إنَّ فَسَادَ الظُّهْرِ قَوِيٌّ لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ فَصَلَحَ اسْتِتْبَاعُهُ لِفَسَادِ الْعَصْرِ، بِخِلَافِ فَسَادِ الْعَصْرِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لِقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِعَدَمِهِ فَلَمْ يَصْلُحْ مُسْتَتْبِعًا فَسَادَ الْمَغْرِبِ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ الْمَحَلِّ مُجْتَهَدًا فِيهِ لَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَ الظَّنِّ الْخَطَأِ فِيهِ مِنْ الْجَاهِلِ بَلْ إنْ كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ ابْتِدَاءً لَا يُعْتَبَرُ الظَّنُّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْبَنِي عَلَى الْمُجْتَهَدِ وَيَسْتَتْبِعُهُ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الظَّنُّ لِزِيَادَةِ الضَّعْفِ.
فَفَسَادُ الْعَصْرِ هُوَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ ابْتِدَاءً، وَفَسَادُ الْمَغْرِبِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَاعْتُبِرَ. وَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا أَخَّرَ الْعِشَاءَ فَفَسَادُهَا بِسَبَبِ فَسَادِ الْوَقْتِيَّاتِ. وَفَسَادُ الْوَقْتِيَّاتِ هُوَ الْفَسَادُ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ فَهِيَ نَظِيرُ الْعُشْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِذَا قَدَّمَهَا فَفَسَادُهَا حِينَئِذٍ لِوُجُودِ الْفَائِتَةِ بِيَقِينٍ وَهِيَ آخِرُ الْمَتْرُوكَاتِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute