للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلَامِ» وَرُوِيَ أَنَّهُ «سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ» فَتَعَارَضَتْ رِوَايَتَا فِعْلِهِ فَبَقِيَ التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ سَالِمًا

ابْنِ مَعِينٍ ثِقَةٌ، وَتَوْهِينُهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ لَا يُقْبَلُ، وَنَاهِيك بِأَبِي زُرْعَةَ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالشَّامِّ بَعْدَ الْأَوْزَاعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَحْفَظُ مِنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، وَغَايَةُ مَا عَنْ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ قَوْلُهُ عَنْ الشَّامِيِّينَ حَدِيثُهُ صَحِيحٌ وَخُلُقٌ عَنْ الْمَدَنِيِّينَ، وَقَدْ اسْتَقَرَّ رَأْيُ ابْنِ حَنْبَلٍ وَكَثِيرٍ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.

وَرِوَايَتُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ الشَّامِيِّينَ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ وَهُوَ الشَّامِيُّ الدِّمَشْقِيُّ وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ سَالِمٍ الْعَنْسِيِّ بِالنُّونِ وَهُوَ أَبُو الْمُخَارِقِ الشَّامِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نَفِيرٍ الْحَضْرَمِيِّ أَبُو حُمَيْدٍ، وَيُقَالُ أَبُو حِمْيَرٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ أَبُو زَرْعَةُ وَالنَّسَائِيُّ ثِقَةٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَانَ ثِقَةً وَبَعْضُ النَّاسِ يَسْتَنْكِرُ حَدِيثَهُ، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ فَقَدْ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ وَهُوَ عَنْ ثَوْبَانَ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «صَلَّى النَّبِيُّ قَالَ إبْرَاهِيمُ: لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ إلَيْنَا وَقَالَ: فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ» فَهَذَا تَشْرِيعٌ عَامٌّ قَوْلِيٌّ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ عَنْ سَهْوِ الشَّكِّ وَالتَّحَرِّي، وَلَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ بَيْنَهُ أَوْ بَيْنَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَقَدْ تَمَّ أَمْرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي حَقِّ حُجِّيَّتِهِ.

(قَوْلُهُ فَتَعَارَضَتْ رِوَايَتَا فِعْلِهِ إلَخْ) لَمَّا أَوْقَعَ الِاسْتِدْلَالَ بِقَوْلِهِ عَقِيبَ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْفِعْلِ وَكَانَ دَلِيلُهُمْ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الثُّبُوتِ مَعَ قِيَامِ دَلِيلِ عَدَمِ الْخُصُوصِيَّةِ، إذْ قَدْ شَارَكُوهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُقْتَدِينَ بِهِ اسْتَشْعَرَ أَنْ يُقَالَ دَلِيلُنَا أَرْجَحُ ثُبُوتًا وَتَرْجِيحُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْقُوَّةِ فَقَالَ ذَاكَ لَوْ سَلِمَ دَلِيلُكُمْ مِنْ الْمُعَارِضِ، لَكِنْ رُوِيَ أَنَّهُ سَجَدَهَا بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ يُعَادِلُهُ، فَتَعَارَضَتْ رِوَايَتَا فِعْلِهِ فَبَقِيَ التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ الْأَحَطِّ رُتْبَةً فِي الثُّبُوتِ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْمُعَارِضِ لَا لِتَرْجِيحِهِ بِالْفِعْلِ الْمَرْوِيِّ ثَانِيًا، وَلَا لِتَرْجِيحِ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِهِ لِيَكُونَ تَرْجِيحًا بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ، فَظَهَرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّهُ إنَّمَا صِيرَ إلَى مَا بَعْدَ الدَّلِيلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ لَا إلَى مَا فَوْقِهِمَا فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالَانِ الْقَائِلَانِ أَنَّ الرَّسْمَ فِي الْمُعَارَضَةِ أَنْ يُصَارَ إلَى مَا بَعْدَ الْمُتَعَارِضَيْنِ كَالسُّنَّةِ عِنْدَ تَعَارُضِ نَصِّ الْكِتَابِ، وَالْقِيَاسِ عِنْدَ تَعَارُضِ السُّنَّةِ لَا إلَى مَا فَوْقَهُمَا وَالْقَوْلُ فَوْقَ الْفِعْلِ فَكَيْفَ وَقَفَ الصَّيْرُورَةَ إلَيْهِ عَلَى تَعَارُضِ الْفِعْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ تَرْجِيحًا فَالتَّرْجِيحُ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ بَاطِلٌ عِنْدَنَا.

فَإِنْ قِيلَ: إذَا سَقَطَ النَّظَرُ إلَى الْفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>