للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْفِيفًا فَلَا تَتَعَلَّقُ بِمَا يُوجِبُ التَّغْلِيظَ، وَلَنَا إطْلَاقُ النُّصُوصِ، وَلِأَنَّ السَّفَرَ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، وَإِنَّمَا الْمَعْصِيَةُ مَا يَكُونُ بَعْدَهُ أَوْ يُجَاوِرُهُ فَصَلُحَ مُتَعَلَّقُ الرُّخْصَةِ. .

الصِّحَّةِ، أَمَّا صَلَاةُ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ إلَّا رَكْعَتَيْنِ ابْتِدَاءً، وَمَنْشَأُ الْغَلَطِ اشْتِرَاكُ لَفْظِ الرُّخْصَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَتَعَلَّقُ بِمَا يُوجِبُ التَّغْلِيظَ) يَعْنِي الْمَعْصِيَةَ؛ وَهَذَا لِأَنَّ قَصْدَ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَقِتَالَ الْإِمَامِ الْعَدْلِ، وَالْإِبَاقَ لِلْعَبْدِ وَعَدَمَ الْمَحْرَمِ، وَقِيَامَ الْعِدَّةِ لِلْمَرْأَةِ يُوجِبُ صَيْرُورَةَ نَقْلِ الْخَطَإِ مَعْصِيَةً فَيَمْنَعُ الرُّخْصَةَ قِيَاسًا عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي مَنْعِهِمْ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا خَافُوا الْإِمَامَ وَعَلَى زَوَالِ الْعَقْلِ بِمَحْظُورِ عَدَمِ سُقُوطِ الْخِطَابِ. وَلَنَا إطْلَاقُ النُّصُوصِ: أَيْ نُصُوصِ الرُّخْصَةِ قَالَ تَعَالَى ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ وَقَالَ ﵊ «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا» وَمَا قَدَّمْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُفِيدَةِ تَعْلِيقَ الْقَصْرِ عَلَى مُسَمَّى السَّفَرِ فَوَجَبَ إعْمَالُ إطْلَاقِهَا إلَّا بِمُقَيِّدٍ وَلَمْ يُوجَدْ، أَمَّا نَصُّ الْكِتَابِ؛ فَلِأَنَّهُ لَوْ تَمَّ الْقِيَاسُ الَّذِي عَيَّنَهُ لَمْ يَصْلُحْ مُقَيِّدًا لَهُ عِنْدَنَا فَكَيْفَ وَلَمْ يَتِمَّ فَلَا يَصْلُحُ مُقَيِّدًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْجَامِعِ فَإِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي أَصْلِهِ فِي مَنْعِ الرُّخْصَةِ عَدَمُ سَبَبِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا، وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ الْخَوْفُ وَهُوَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ سَبَبٌ عَنْ نَفْسِ الْمَعْصِيَةِ: أَعْنِي قَطْعَ الطَّرِيقِ.

وَسَبَبُ السَّبَبِ سَبَبٌ، فَلَوْ ثَبَتَتْ الرُّخْصَةُ أَعْنِي جَوَازَ صَلَاةِ الْخَوْفِ لَهُمْ كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ نَفْسُهَا هِيَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّخْفِيفِ، وَكَذَا زَوَالُ الْعَقْلِ هُوَ السَّبَبُ وَهُوَ مُسَبَّبٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ نَفْسِهَا: أَعْنِي شُرْبَ الْمُسْكِرِ إلَى آخِرِ مَا قَرَّرْنَاهُ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ السَّبَبَ السَّفَرُ وَلَيْسَ هُوَ مُسْتَنِدٌ إلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّ الَّذِي صَيَّرَهُ مُسَافِرًا لَيْسَ قَطْعُ الطَّرِيقِ بَلْ الشُّرُوعُ فِي السَّيْرِ الْمَخْصُوصِ لَا بِاعْتِبَارِ الطَّرِيقِ أَصْلًا فَعَرِيَ السَّبَبُ فِي نَفْسِهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَكَانَتْ هِيَ مُجَاوِرَةٌ لَهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ اعْتِبَارِ مَا جَاوَرَهُ شَرْعًا كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَسْحِ عَلَى خُفٍّ مَغْصُوبٍ وَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ وَكَثِيرٍ مِنْ النَّظَائِرِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ الْفَاعِلِيُّ لَا الْغَائِيُّ.

[فُرُوعٌ]

التَّبَعُ كَالْعَبْدِ وَالْغُلَامِ وَالْجُنْدِيِّ وَالْمَرْأَةِ إذَا وَفَّاهَا مَهْرَهَا وَالْأَجِيرِ وَالتِّلْمِيذِ وَالْأَسِيرِ وَالْمُكْرَهِ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ مِنْ مَتْبُوعِهِمْ دُونَهُمْ فَيَصِيرُونَ مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ بِنِيَّتِهِمْ، وَلَوْ نَوَى الْمَتْبُوعُ الْإِقَامَةَ وَلَا يَعْلَمُونَ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ لُزُومِهِمْ حُكْمَ الْإِقَامَةِ فَقِيلَ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ الْمَتْبُوعِينَ، وَقِيلَ مِنْ وَقْتِ عِلْمِهِمْ كَمَا فِي تَوَجُّهِ خِطَابِ الشَّرْعِ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ، وَالْأَحْوَطُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ كَالْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ فَيَقْضُونَ مَا صَلَّوْا قَصْرًا قَبْلَ عِلْمِهِمْ، وَفِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مُسَافِرٍ وَمُقِيمٍ، قِيلَ يُتِمُّ، وَقِيلَ يَقْصُرُ، وَقِيلَ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فِي الْخِدْمَةِ قَصَرَ فِي نَوْبَةِ الْمُسَافِرِ وَأَتَمَّ فِي نَوْبَةِ الْمُقِيمِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اعْتِبَارِ النِّيَّةِ مِنْ الْمَتْبُوعِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَمَّ سَيِّدَهُ فِي السَّفَرِ فَنَوَى السَّيِّدُ الْإِقَامَةَ صَحَّتْ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الْعَبْدُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمَا.

وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ مُقِيمٍ حَالَ سَفَرِهِ وَالْعَبْدُ فِي الصَّلَاةِ فَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَمَّ مَعَ السَّيِّدِ غَيْرَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَنَوَى السَّيِّدُ الْإِقَامَةَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِي حَقِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>