. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبْدِهِ لَا فِي حَقِّ الْقَوْمِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ، فَيُقَدِّمُ الْعَبْدُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَاحِدًا مِنْ الْمُسَافِرِينَ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ ثُمَّ يَقُومُ هُوَ وَالسَّيِّدُ فَيُتِمُّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعًا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا صَلَّى مُسَافِرٌ بِمُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ فَأَحْدَثَ فَقُدِّمَ مُقِيمٌ لَا يَنْقَلِبُ فَرْضُ الْقَوْمِ أَرْبَعًا، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ بِمَاذَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ؟ قِيلَ يَنْصِبُ الْمَوْلَى أُصْبُعَيْهِ أَوَّلًا وَيُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ يَنْصِبُ الْأَرْبَعَ وَيُشِيرُ بِهَا.
وَفِي حُكْمِ الْأَسِيرِ مَنْ بَعَثَ إلَيْهِ الْوَالِي لِيُؤْتَى بِهِ مِنْ بَلْدَةٍ، وَالْغَرِيمُ إذَا لَزِمَهُ غَرِيمُهُ أَوْ حَبَسَهُ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ وَمَنْ قَصَدَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَالنِّيَّةُ فِي السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ نِيَّتُهُ، وَإِلَّا فَنِيَّةُ الْحَابِسِ، وَلَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ مُسَافِرٌ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ مُسَافِرٌ اُخْتُلِفَ فِيهِمَا، فَالشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْفَضْلِ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَقْصِدِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَا مُقِيمَيْنِ، وَقِيلَ يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ، وَقِيلَ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْكَافِرِ مُعْتَبَرَةٌ، وَلَا يَجْمَعُ عِنْدَنَا فِي سَفَرٍ بِمَعْنَى أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَالْمَغْرِبَ مَعَ الْعِشَاءِ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، بَلْ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الْأُولَى إلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَيَنْزِلُ فَيُصَلِّيهَا فِي آخِرِهِ وَيَفْتَتِحُ الْآتِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَهَذَا جَمْعٌ فِعْلًا لَا وَقْتًا. لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا إلَّا بِجَمْعٍ، فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ الْغَدِ قَبْلَ وَقْتِهَا» يَعْنِي غَلَّسَ بِهَا فَكَانَ قَبْلَ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ فِعْلُهَا فِيهِ مِنْهُ ﷺ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ جَمْعَ عَرَفَةَ لِشُهْرَتِهِ.
وَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى» فَيُعَارِضُ مَا فِيهِمَا حَدِيثُ أَنَسٍ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ إذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ» وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ إذَا عَجِلَ السَّيْرُ السَّفَرَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ» وَيَتَرَجَّحُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِزِيَادَةِ فِقْهِ الرَّاوِي، وَبِأَنَّهُ أَحْوَطُ فَيُقَدَّمُ عِنْدَ التَّعَارُضِ، أَوْ يُحْمَلُ الشَّفَقُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْحُمْرَةِ فَإِنَّهُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيَاضِ الَّذِي يَلِي أَطْرَافَهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ عَيْنَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَيُصَلِّيَ الْوَقْتِيَّةَ فِيهِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ الثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا.
وَقَدْ وَقَعَ فِي أَحَادِيثِ الْجَمْعِ شَيْءٌ مِنْ الِاضْطِرَابِ؛ فَفِي بَعْضِهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «جَمَعَ ﷺ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» وَفِي بَعْضِهَا «جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ، وَلَمْ يَقُلْ مِنَّا وَمِنْهُمْ بِجَوَازِ الْجَمْعِ لِذَلِكَ أَحَدٌ وَكَيْفَ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ يُعَارِضُهُ مُعَارَضَةً ظَاهِرَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute