للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَجُوزُ بِمِنًى إذَا كَانَ الْأَمِيرُ أَمِيرَ الْحِجَازِ، أَوْ كَانَ مُسَافِرًا عِنْدَهُمَا. وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا جُمُعَةَ بِمِنًى)؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْقُرَى

وَيُقِيمُ الْحُدُودَ أَغْنَى مِنْ التَّعَدُّدِ: وَقَدْ وَقَعَ شَكٌّ فِي بَعْضِ قُرَى مِصْرَ مِمَّا لَيْسَ فِيهَا وَالٍ وَقَاضٍ نَازِلَانِ بِهَا بَلْ لَهَا قَاضٍ يُسَمَّى قَاضِي النَّاحِيَةِ وَهُوَ قَاضٍ يُوَلَّى الْكُورَةَ بِأَصْلِهَا فَيَأْتِي الْقَرْيَةَ أَحْيَانَا فَيَفْصِلُ مَا اجْتَمَعَ فِيهَا مِنْ التَّعَلُّقَاتِ وَيَنْصَرِفُ وَوَالٍ كَذَلِكَ، هَلْ هُوَ مِصْرٌ نَظَرًا إلَى أَنَّ لَهَا وَالِيًا وَقَاضِيًا أَوْ لَا نَظَرًا إلَى عَدَمِهَا مِنْهُمَا؟. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا مُقِيمَيْنِ بِهَا وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ قَرْيَةً أَصْلًا، إذْ كُلُّ قَرْيَةٍ مَشْمُولَةٌ بِحُكْمٍ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ قَرْيَةٍ لَا يَأْتِيهَا حَاكِمٌ يَفْصِلُ بِهَا الْخُصُومَاتِ حَتَّى يَحْتَاجُونَ إلَى دُخُولِ مِصْرَ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ لِفَصْلِهَا، وَبَيْنَ مَا يَأْتِيهَا فَيَفْصِلُ فِيهَا، وَإِذَا اشْتَبَهَ عَلَى الْإِنْسَانِ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ يَنْوِي بِهَا آخِرَ فَرْضٍ أَدْرَكْتُ وَقْتَهُ وَلَمْ أُؤَدِّهِ بَعْدُ، فَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الْجُمُعَةُ وَقَعَتْ ظُهْرُهُ وَإِنْ صَحَّتْ كَانَتْ نَفْلًا، وَهَلْ تَنُوبُ عَنْ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ؟ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَارْجِعْ إلَيْهِ.

وَكَذَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ وَشَكَّ فِي أَنَّ جُمُعَتَهُ سَابِقَةٌ أَوْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ مَا قُلْنَا. وَأَصْلُهُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا رَوَى أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي مَسْجِدَيْنِ فِي مِصْرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ كَبِيرٌ حَتَّى يَكُونَ كَمِصْرَيْنِ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِقَطْعِ الْجِسْرِ بِبَغْدَادَ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْجُمُعَةُ لِمَنْ سَبَقَ، فَإِنْ صَلَّوْا مَعًا أَوْ لَمْ تُدْرَ السَّابِقَةُ فَسَدَتَا. وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي مَوْضِعَيْنِ إذَا كَانَ الْمِصْرُ عَظِيمًا لَا فِي ثَلَاثَةٍ. وَعَنْ مُحَمَّدِ يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا مُطْلَقًا.

وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِهَذَا قَالَ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُ إقَامَتِهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ مِنْ مَسْجِدَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَبِهِ نَأْخُذُ لِإِطْلَاقِ: لَا جُمُعَةَ فِي مِصْرٍ، شَرَطَ الْمِصْرَ، فَإِذَا تَحَقَّقَ تَحَقَّقَ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهَا. وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَنْعِ أَنَّهَا سُمِّيَتْ جُمُعَةً لِاسْتِدْعَائِهَا الْجَمَاعَاتِ فَهِيَ جَامِعَةٌ لَهَا، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ خُصُوصًا إذَا كَانَ مِصْرٌ كَبِيرٌ، فَإِنَّ فِي إلْزَامِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ حَرَجًا بَيِّنًا لِاسْتِدْعَائِهِ تَطْوِيلَ الْمَسَافَةِ عَلَى الْأَكْثَرِ، مَعَ أَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ مِمَّا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ، وَمَا قُلْنَا مِنْ الْكَلَامِ فِي وُقُوعِهَا عَنْ السُّنَّةِ إنَّمَا هُوَ إذَا زَالَ الِاشْتِبَاهُ بَعْدَ الْأَرْبَعِ لَتَحَقَّقَ وُقُوعُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>