للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى لَا يُعِيدَ بِهَا. وَلَهُمَا أَنَّهَا تَتَمَصَّرُ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَعَدَمُ التَّعْيِيدِ لِلتَّخْفِيفِ، وَلَا جُمُعَةَ بِعَرَفَاتٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهَا قَضَاءٌ وَبِمِنًى أَبْنِيَةٌ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْخَلِيفَةِ وَأَمِيرِ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا، أَمَّا أَمِيرُ الْمَوْسِمِ فَيَلِي أُمُورَ الْحَجِّ لَا غَيْرُ.

(وَلَا يَجُوزُ إقَامَتُهَا إلَّا لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِمَنْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ)

نَفْلًا، أَمَّا إذَا دَامَ الِاشْتِبَاهُ قَائِمًا فَلَا يَجْزِمُ بِكَوْنِهَا نَفْلًا؛ لِيَقَعَ النَّظَرُ فِي أَنَّهَا سُنَّةٌ أَوْ لَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا السُّنَّةَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُهَا ظُهْرًا؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودَ الشَّرْطِ لَمْ يُحْكَمْ بِوُجُودِ الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَحْكُمْ بِسُقُوطِ الْفَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَنْ كَانَ مِنْ مَكَانٍ مِنْ تَوَابِعِ الْمِصْرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ الْمِصْرِ فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَأْتِيَ لِمِصْرٍ فَلْيُصَلِّهَا فِيهِ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ؛ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ يُسْمَعُ النِّدَاءُ فِيهِ مِنْ الْمِصْرِ فَهُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَعَنْهُ كُلُّ قَرْيَةٍ مُتَّصِلَةٌ بِرَبَضِ الْمِصْرِ، وَغَيْرُ الْمُتَّصِلَةِ لَا، وَعَنْهُ أَنَّهَا تَجِبُ فِي ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْرَ مِيلٍ، وَقِيلَ قَدْرَ مِيلَيْنِ، وَقِيلَ سِتَّةَ أَمْيَالٍ. وَعَنْ مَالِكٍ سِتَّةً، وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْضُرَ الْجُمُعَةَ وَيَبِيتَ بِأَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَهَذَا حَسَنٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُمَا أَنَّهَا) أَيْ مِنًى تَتَمَصَّرُ فِي الْمَوْسِمِ لِاجْتِمَاعِ مَنْ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ وَالْأَسْوَاقَ وَالسِّكَكَ، قِيلَ فِيهَا ثَلَاثُ سِكَكٍ، وَغَايَةُ مَا فِيهَا أَنَّهُ يَزُولُ تَمَصُّرُهَا بِزَوَالِ الْمَوْسِمِ، وَذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي مِصْرِيَّتِهَا قَبْلَهُ، إذْ مَا مِنْ مِصْرٍ إلَّا وَيَزُولُ تَمَصُّرُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَمَعَ ذَلِكَ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْلَى فِي الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ قُرَى مِصْرَ أَنْ لَا يَصِحَّ فِيهَا إلَّا حَالُ حُضُورِ الْمُتَوَلِّي، فَإِذَا حَضَرَ صَحَّتْ وَإِذَا ظَعَنَ امْتَنَعَتْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَدَمُ التَّعْيِيدِ بِمِنًى لَا لِانْتِفَاءِ الْمِصْرِيَّةِ بَلْ لِلتَّخْفِيفِ، فَإِنَّ النَّاسَ مُشْتَغِلُونَ بِالْمَنَاسِكِ وَالْعِيدُ لَازِمٌ فِيهَا فَيَحْصُلُ مَعَ إلْزَامِهِ مَعَ اشْتِغَالِهِمْ بِمَا هُمْ فِيهِ الْحَرَجُ، أَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ، بَلْ إنَّمَا تَتَّفِقُ فِي أَحْيَانٍ مِنْ الزَّمَانِ فَلَا حَرَجَ مَعَ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ وَالْعِيدُ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ التَّعْلِيلِ دُونَ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ مِنًى مِنْ أَفْنِيَةِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْسَخَيْنِ، وَتَقْدِيرُ الْفِنَاءِ بِذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ وَمِنًى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا يَصِيرُ مُقِيمًا فَعُلِمَ اعْتِبَارُهُمَا شَرْعًا مَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا) يَعْنِي أَنَّ ثُبُوتَ وِلَايَةِ الْإِقَامَةِ لِلْجُمُعَةِ هُوَ الْمُصَحَّحُ بَعْدَ كَوْنِ الْمَحَلِّ صَالِحًا لِلتَّمْصِيرِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْخَلِيفَةُ وَإِنْ كَانَ قَصَدَ السَّفَرَ لِلْحَجِّ فَالسَّفَرُ إنَّمَا يُرَخَّصُ فِي التَّرْكِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا، وَسَيَجِيءُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْجُمُعَةِ، فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ فِي الْإِقَامَةِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَهُ الْإِذْنُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَصَدَ الطَّوْفَ فِي وِلَايَاتِهِ فَأَظْهَرَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُسَافِرٍ حَتَّى لَا يَقْصُرَ الصَّلَاةَ فِي طَوْفِهِ كَالسَّائِحِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ غَيْرَ صَالِحٍ لِلتَّمْصِيرِ فَلِذَا قَالُوا: إذَا سَافَرَ الْخَلِيفَةُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْقُرَى كَالْبَرَارِيِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ أَمَرَهُ) فَخَرَجَ الْقَاضِي الَّذِي لَمْ يُؤْمَرْ بِإِقَامَتِهَا وَدَخَلَ الْعَبْدُ إذَا قُلِّدَ وِلَايَةَ نَاحِيَةٍ فَتَجُوزُ إقَامَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>