قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ) بِهِ وَرَدَتْ السُّنَّةُ (وَيُخْطَبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ) بِهِ جَرَى التَّوَارُثُ (وَيَخْطُبُ قَائِمًا عَلَى طَهَارَةٍ)؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِيهِمَا مُتَوَارَثٌ، ثُمَّ هِيَ شَرْطُ الصَّلَاةِ فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الطَّهَارَةُ كَالْأَذَانِ
أَفْسَدَ هَذَا الْخَلِيفَةُ أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ، لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا جَوَازَ اسْتِقْبَالِهِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ الْتَحَقَ بِهِ حُكْمًا، وَلَوْ أَفْسَدَ الْأَوَّلُ اسْتَقْبَلَ بِهِمْ فَكَذَا الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْدَثَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَقَدَّمَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا الْمُقَدَّمُ غَيْرَهُ مِمَّنْ شَهِدَهَا قِيلَ يَجُوزُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ الِاسْتِخْلَافُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ الْأَوَّلُ جُنُبًا شَهِدَهَا فَقَدَّمَ هَذَا الْجُنُبُ طَاهِرًا شَهِدَهَا حَيْثُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجُنُبَ الشَّاهِدَ مِنْ أَهْلِ الْإِقَامَةِ بِوَاسِطَةِ الِاغْتِسَالِ فَيَصِحُّ مِنْهُ الِاسْتِخْلَافُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ الْأَوَّلُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا فَقَدَّمَ غَيْرَهُ مِمَّنْ شَهِدَهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُمْ فَلَمْ يَصِرْ أَحَدُهُمْ خَلِيفَةً فَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِخْلَافَ، فَالْمُتَقَدِّم عَنْ اسْتِخْلَافِ أَحَدِهِمْ مُتَقَدِّمٌ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَإِنْ جَازَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ لِاشْتِرَاطِ إذْنِ السُّلْطَانِ لِلْمُتَقَدِّمِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فِيهَا كَمَا قَدَّمْنَا دُونَ غَيْرِهَا، وَلَا دَلَالَةَ إلَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ تَحَقَّقَ بِوَصْفِ الْخَلِيفَةِ شَرْعًا وَلَيْسَ أَحَدُهُمْ كَذَلِكَ.
أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِ الْكَافِرِ فَلِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ اكْتِسَابِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَأَمَّا فِي الْكَافِرِ فَلِأَنَّ هَذَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَهُوَ يَعْتَمِدُ وِلَايَةَ السَّلْطَنَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ لِلْكَافِرِ وِلَايَةُ السَّلْطَنَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ الْأَوَّلُ مُسَافِرًا أَوْ عَبْدًا حَيْثُ يَجُوزُ خِلَافًا لِزُفَرَ عَلَى مَا سَيَأْتِي، فَلَوْ لَمْ يُقَدِّمْ الْأَوَّلُ أَحَدًا فَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ أَوْ الْقَاضِي جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أُمُورِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ قَلَّدَهُمَا الْإِمَامُ مَا هُوَ مِنْ أُمُورِ الْعَامَّةِ فَنَزَلَا مَنْزِلَتَهُ؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْإِمَامِ لِدَفْعِ التَّنَازُعِ فِي التَّقَدُّمِ وَذَا يَحْصُلُ بِتَقَدُّمِهِمَا لِوُجُودِ دَلِيلِ اخْتِصَاصِهِمَا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ وَهُوَ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا نَائِبًا لِلسُّلْطَانِ وَمِنْ عُمَّالِهِ.
فَلَوْ قَدَّمَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا شَهِدَ الْخُطْبَةَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وِلَايَةُ التَّقَدُّمِ فَلَهُ وِلَايَةُ التَّقَدُّمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ هِيَ شَرْطُ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا صُورَةُ قِيَاسٍ عِلَّةُ الْحُكْمِ فِي أَصْلِهِ كَوْنُهُ شَرْطًا لِلصَّلَاةِ لَكِنَّهُ مَفْقُودٌ فِي الْأَصْلِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مَوْجُودًا غَيْرَ عِلَّةٍ، إذْ الْأَذَانُ لَيْسَ شَرْطًا، فَالْأَوْلَى مَا عَيَّنَهُ فِي الْكَافِي جَامِعًا وَهُوَ ذِكْرُ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ: أَيْ فِي حُدُودِهِ لِكَرَاهَةِ الْأَذَانِ فِي دَاخِلِهِ، وَيُزَادُ أَيْضًا فَيُقَالُ ذِكْرٌ فِي الْمَسْجِدِ يُشْتَرَطُ لَهُ الْوَقْتُ فَتُسْتَحَبُّ الطَّهَارَةُ فِيهِ وَتُعَادُ اسْتِحْبَابًا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute