(وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَارُثَ وَلِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً)؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ هِيَ الْوَاجِبَةُ، وَالتَّسْبِيحَةُ أَوْ التَّحْمِيدَةُ لَا تُسَمَّى خُطْبَةً. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ حَتَّى يَخْطُبَ خُطْبَتَيْنِ اعْتِبَارًا لِلْمُتَعَارَفِ.
وَلَهُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. وَعَنْ عُثْمَانَ ﵁ أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ جُنُبًا كَالْأَذَانِ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) وَهُوَ الذِّكْرُ وَالْمَوْعِظَةُ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَعْقُولَ مِنْ اشْتِرَاطِهَا جَعْلُهَا مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ تَحْصِيلًا لِفَائِدَتِهَا مَعَ التَّخْفِيفِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهَا مَعَ الْإِتْمَامِ، وَقَدْ أُثِرَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ ﵂ إنَّمَا قُصِرَتْ لِمَكَانِ الْخُطْبَةِ وَهَذَا حَاصِلٌ مَعَ الْقُعُودِ وَمَا مَعَهُ؛ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مَقَامَ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِيُشْتَرَطَ لَهَا مَا اُشْتُرِطَ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا ظَنَّ الشَّافِعِيُّ ﵁؛ أَلَا تَرَى إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِقْبَالِ فِيهَا وَعَدَمِ الْكَلَامِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْقِيَامَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ إذْ كَانَ أَنْشَرَ لِلصَّوْتِ فَكَانَ مُخَالَفَتُهُ مَكْرُوهًا.
وَدَخَلَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَابْنُ أُمِّ حَكِيمٍ يَخْطُبُ قَاعِدًا فَقَالَ: اُنْظُرُوا إلَى هَذَا الْخَبِيثِ يَخْطُبُ قَاعِدًا وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَمْ يَحْكُمْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ بِفَسَادِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ) قِيلَ أَقَلُّهُ عِنْدَهُمَا قَدْرُ التَّشَهُّدِ قَوْلُهُ: وَلَهُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ ذِكْرًا طَوِيلًا يُسَمَّى خُطْبَةً أَوْ ذِكْرًا لَا يُسَمَّى خُطْبَةً فَكَانَ الشَّرْطُ الذِّكْرُ الْأَعَمُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute