للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَمُرَةَ ، وَالتَّرْجِيحُ قَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ، كَيْفَ وَإِنَّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ وَهِيَ عَجْمَاءُ.

(وَيَدْعُو بَعْدَهَا حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ) لِقَوْلِهِ «إذَا رَأَيْتُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَفْزَاعِ شَيْئًا فَارْغَبُوا إلَى اللَّهِ بِالدُّعَاءِ»، وَالسُّنَّةُ فِي الْأَدْعِيَةِ تَأْخِيرُهَا عَنْ الصَّلَاةِ (وَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامَ الَّذِي يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ

وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ، وَلَفْظُهُ «صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَجَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ» (قَوْلُهُ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَمُرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ الْكُسُوفَ فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ حَرْفًا مِنْ الْقِرَاءَةِ» وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «صَلَّيْتُ إلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ يَوْمَ كَسَفَتْ الشَّمْسُ فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ قِرَاءَةً»، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ ثُمَّ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ وَلَكِنَّهُمْ عَدَدُ رِوَايَتِهِمْ تُوَافِقُ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ قَرَأَ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ».

قَالَ الشَّافِعِيُّ : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَا قُرِئَ، إذْ لَوْ سَمِعَهُ لَمْ يُقَدِّرْهُ بِغَيْرِهِ. وَيَدْفَعُ حَمْلَهُ عَلَى بُعْدِهِ رِوَايَةُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ «صَلَّيْتُ إلَى جَنْبِهِ» وَيُوَافِقُ أَيْضًا رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ» وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَتَقَدَّمَ، وَفِيهِ «لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَالْحَقُّ أَنَّ تَقْدِيرَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِسُورَةِ الْبَقَرَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ سَمَاعِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَنْسَى الْمَقْرُوءَ الْمَسْمُوعَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِقَدْرِهِ فَيَقُولُ قَرَأَ نَحْوَ سُورَةِ كَذَا، فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْإِخْفَاءِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى هَذِهِ الدَّلَالَةِ بَلْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ «صَلَّيْتُ إلَى جَانِبِ رَسُولِ اللَّهِ » وَإِذَا حَصَلَ التَّعَارُضُ وَجَبَ التَّرْجِيحُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ الْإِخْفَاءِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالتَّرْجِيحُ قَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ: يَعْنِي أَنَّ الْحَالَ أَكْشَفُ لِلرِّجَالِ فَقَدْ يُقَالُ بَلْ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَادَّةِ تَتَرَجَّحُ رِوَايَةُ النِّسَاءِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا إخْبَارٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُنَّ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ أَوْ فِي حُجَرِهِنَّ، فَإِذَا أَخْبَرْنَ عَنْ الْجَهْرِ دَلَّ عَلَى تَحْقِيقِهِ بِزِيَادَةٍ بِحَيْثُ يَصِلُ الصَّوْتُ إلَيْهِنَّ، فَالْمُعْتَبَرُ مَا رَجَعَ إلَيْهِ آخِرًا مِنْ قَوْلِهِ كَيْفَ وَإِنَّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ؛ لِقَوْلِهِ «فَاذْكُرُوا اللَّهَ» إلَى قَوْلِهِ «بِالدُّعَاءِ» حَدِيثَانِ. وَمَعْنَى الْأَوَّلِ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ قَوْلُهُ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ» وَفِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ قَالَ: فِي ظُلْمَةٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ الصَّلَاةُ حَسَنَةٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى لِزَلْزَلَةٍ بِالْبَصْرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ فِي الْأَدْعِيَةِ تَأْخِيرُهَا) وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ دَعَا مُسْتَقْبِلًا جَالِسًا أَوْ قَائِمًا أَوْ يَسْتَقْبِلُ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ وَدَعَا وَيُؤَمِّنُونَ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ. وَلَوْ قَامَ وَدَعَا مُعْتَمِدًا عَلَى عَصَى أَوْ قَوْسٍ كَانَ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>