وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَيُسْتَحَبُّ اللَّبِنُ وَالْقَصَبُ لِأَنَّهُ ﵊ جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ
(ثُمَّ يُهَالُ التُّرَابُ وَيُسَنَّمُ الْقَبْرُ وَلَا يُسَطَّحُ) أَيْ لَا يُرَبَّعُ «لِأَنَّهُ ﵊ نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ» وَمَنْ شَاهَدَ قَبْرَهُ ﵊ أَخْبَرَ أَنَّهُ مُسَنَّمٌ.
فَعُلِمَ أَنَّ مَسَّ النَّارِ لَمْ يُعْتَبَرْ مَانِعًا فِي الشَّرْعِ وَالْأَوْلَى مَا فِي الْكِتَابِ، وَفِي الدَّفْعِ نَوْعُ نَظَرٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ﵊ جَعَلَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ) وَهُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ حُزْمَةٌ. رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ») وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَأَسْنَدَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ، أَوْصَى أَبُو مَيْسَرَةَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ الْهَمْدَانِيُّ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى لَحْدِهِ طُنًّا مِنْ قَصَبٍ وَقَالَ: إنِّي رَأَيْت الْمُهَاجِرِينَ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَلَا يَلْزَمُ خَطَأُ هَذَا الْحَدِيثِ لِمُعَارَضَةِ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُضِعَ اللَّبِنُ عَلَى قَبْرِهِ ﵊ نَصْبًا مَعَ قَصَبٍ كُمِّلَ بِهِ لِإِعْوَازٍ فِي اللَّبَنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ﵊ نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ) وَمَنْ شَاهَدَ قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَ أَنَّهُ مُسَنَّمٌ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا» وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ نَاشِزَةً مِنْ الْأَرْضِ وَعَلَيْهَا فِلْقٌ مِنْ مَدَرٍ أَبْيَضَ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّ سُفْيَانَ التَّمَارَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى «قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ مُسَنَّمًا». وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَلَفْظُهُ عَنْ سُفْيَانَ: وَدَخَلْت الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُ النَّبِيِّ ﷺ فَرَأَيْت قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُسَنَّمَةً وَمَا عُورِضَ بِهِ مِمَّا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ ﵂ فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءَ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ»، لَيْسَ مُعَارِضًا لِهَذَا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْجَمْعِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. وَأَيْضًا ظَهَرَ أَنَّ الْقَاسِمَ أَرَادَ أَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ بِرِوَايَةِ أَبِي حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْت ثَلَاثَةً كُلُّهُمْ لَهُ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَبٌ، سَأَلْت أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ سَالِمٍ، وَسَأَلْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَسَأَلْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قُلْت: أَخْبِرُونِي عَنْ قُبُورِ آبَائِكُمْ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَكُلُّهُمْ قَالُوا: إنَّهَا مُسَنَّمَةُ. وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الْهِيَاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: «أَبْعَثُكَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute