للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ خِيَارَ الْمَالِ وَلَا رَذَالَتَهُ وَيَأْخُذُ الْوَسَطَ) لِقَوْلِهِ «لَا تَأْخُذُوا مِنْ حَزَرَاتِ أَمْوَالِ النَّاسِ» أَيْ كَرَائِمَهَا «وَخُذُوا مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ» أَيْ أَوْسَاطَهَا وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

قَالَ (وَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ مِنْ جِنْسِهِ ضَمَّهُ إلَيْهِ وَزَكَّاهُ بِهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَضُمُّ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي حَقِّ

وَفِي بَعْضِهَا إنْ عَلَفَهَا بِقَدْرِ مَا تَبِينَ فِيهِ مُؤْنَةُ عَلْفِهَا أَكْثَرُ مِمَّا لَوْ كَانَتْ سَائِمَةً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا. قُلْنَا: لَا يَزُولُ اسْمُ السَّائِمَةِ بِالْعَلْفِ الْيَسِيرِ شَرْعًا لِأَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى أَهْلِ دِيَارِهِمْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا لَا تَكْتَفِي بِالسَّوْمِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ إذْ لَا يُوجَدُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ فِي دِيَارِهِمْ بَلْ وَلَا غَيْرِهَا مَا تَكْتَفِي بِهِ، وَلَوْ وُجِدَ فِي غَيْرِهَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ فِي زَمَنِ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَالثَّلْجِ وَالْأَمْطَارِ الْمُسْتَمِرَّةِ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ انْتَفَتْ الزَّكَاةُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْعَلَفَ الْيَسِيرَ لَا يَزُولُ بِهِ اسْمُ السَّوْمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْحُكْمِ. وَإِذَا كَانَ مُقَابِلُهُ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ كَانَ هُوَ يَسِيرًا، وَالنِّصْفُ لَيْسَ بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّصْفِ كَثِيرًا، فَلَوْ أَسَامَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَلِأَنَّهُ يَقَعُ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِ سَبَبِ الْإِيجَابِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالتَّبَعِيَّةِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ تَعْلِيلُ قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرُ، وَمَا ذَكَرْنَا يَعُمُّهُ مَعَ نِصْفِ الْحَوْلِ

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ «لَا تَأْخُذُوا مِنْ حَزَرَاتِ أَمْوَالِ النَّاسِ شَيْئًا» إلَخْ) هُوَ بِالْفَتَحَاتِ جَمْعُ حَزْرَةٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَقْدِيمِ الزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ عَلَى الرَّاءِ فِي اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ. وَحَرَزَةُ الْمَالِ خِيَارُهُ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ كَأَنَّهُ الشَّيْءُ الْمَحْبُوبُ لِلنَّفْسِ. أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِمُصَدِّقِهِ «لَا تَأْخُذْ مِنْ حَزَرَاتِ أَمْوَالِ النَّاسِ شَيْئًا، خُذْ الشَّارِفَ وَالْبِكْرَ وَذَاتَ الْعَيْبِ» وَفِي مُوَطَّإِ مَالِكٍ " مَرَّ عُمَرُ بِغَنَمِ الصَّدَقَةِ فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلًا ذَاتَ ضَرْعٍ عَظِيمٍ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذِهِ الشَّاةُ؟ فَقَالُوا: شَاةٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ، لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ " وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ مُعَاذٌ الصَّحِيحِ حَيْثُ قَالَ لَهُ «إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» وَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَجِبَ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْعِجَافِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا وَسَطٌ اعْتِبَارُ أَعْلَاهَا وَأَفْضَلِهَا وَقَدَّمْنَا عَنْهُمْ خِلَافَهُ فِي صَدَقَةِ السَّوَائِمِ

(قَوْلُهُ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ مِنْ جِنْسِهِ) بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَضُمُّ بَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ حَوْلٌ عَلَى حِدَتِهِ، فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>