وَدَلِيلُهُ الْإِسَامَةُ أَوْ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلِأَنَّ فِي الْعَلُوفَةِ تَتَرَاكَمُ الْمُؤْنَةُ فَيَنْعَدِمُ النَّمَاءُ مَعْنًى. ثُمَّ السَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ حَتَّى لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَتْ عَلُوفَةً لِأَنَّ الْقَلِيلَ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ.
حَدِيثُ الْعَوَامِلِ بِقُوَّةِ الدَّلَالَةِ حِينَئِذٍ. وَأَمَّا عَلَى أَصْلِهِمْ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْخَاصِّ مُطْلَقًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْرِيرِ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَوَامِلَ تَصْدُقُ عَلَى الْحَوَامِلِ وَالْمُثِيرَةِ فَالنَّفْيُ عَنْهَا نَفْيٌ عَنْهُمَا.
وَقَدْ رُوِيَ فِي خُصُوصِ اسْمِ الْمُثِيرَةِ حَدِيثٌ مُضَعَّفٌ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ «لَيْسَ فِي الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِي الْعَلُوفَةِ إلَخْ) دَفْعٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ: إنَّ النَّمَاءَ فِي الْعَلُوفَةِ أَكْثَرُ فَهِيَ أَوْلَى بِشَرْعِيَّةِ الزَّكَاةِ فِيهَا، فَقَالَ لَا بَلْ يَنْعَدِمُ بِالْكُلِّيَّةِ ظَاهِرًا فَضْلًا عَنْ الْأَكْثَرِيَّةِ لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَزِيدُ بِالسِّمَنِ لَا يَفِي بِخُرْجِ الْمُؤْنَةِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَظْهَرُ فِيهَا الزِّيَادَةُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْعَلُوفَةُ لِلتِّجَارَةِ وَجَبَ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ، فَلَوْ انْعَدَمَ النَّمَاءُ بِالْعَلَفِ امْتَنَعَ فِيهَا. قُلْنَا: النَّمَاءُ فِي مَالِ التِّجَارَةِ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَلَمْ تَنْحَصِرْ زِيَادَةُ ثَمَنِهَا فِي السِّمَنِ الْحَادِثِ، بَلْ قَدْ يَحْصُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ فَصْلٍ إلَى فَصْلٍ أَوْ بِالنَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَنْوِيَّةِ لِلتِّجَارَةِ النَّمَاءُ فِيهَا مُنْحَصِرٌ فِي السِّمَنِ فَثَبَتَ أَنَّ عَلْفَهَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ نَمَائِهَا، إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ وَلَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ (قَوْلُهُ هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ) اعْتَرَضَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ تَفْسِيرُ السَّائِمَةِ الَّتِي فِيهَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ إذْ بَقِيَ قَيْدُ كَوْنِ ذَلِكَ لِغَرَضِ النَّسْلِ وَالدَّرِّ وَالتَّسْمِينِ، وَإِلَّا فَتَشْمَلُ الْإِسَامَةَ لِغَرَضِ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ. وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ: يُشْتَرَطُ الرَّعْيُ فِي كُلِّ الْحَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute