للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَارَ كَالْجِزْيَةِ، بِخِلَافِ الْهَدَايَا لِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِيهَا إرَاقَةُ الدَّمِ وَهُوَ لَا يُعْقَلُ. وَوَجْهُ الْقُرْبَةِ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ سَدُّ خُلَّةِ الْمُحْتَاجِ وَهُوَ مَعْقُولٌ.

(وَلَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ وَالْحَوَامِلِ وَالْعَلُوفَةِ صَدَقَةٌ) خِلَافًا لِمَالِكٍ. لَهُ ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ. وَلَنَا قَوْلُهُ «لَيْسَ فِي الْحَوَامِلِ وَالْعَوَامِلِ وَلَا فِي الْبَقَرِ الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ»، وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي

إنْ اسْتَيْسَرَتَا أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا " فَانْتَقَلَ إلَى الْقِيمَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ، فَعَلِمْنَا أَنْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ خُصُوصَ عَيْنِ السِّنِّ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا لَسَقَطَ إنْ تَعَذَّرَ أَوْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيَدْفَعَهُ.

وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذٌ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: آتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ مَكَانَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا وَتَعْلِيقُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الصُّنَابِحِ الْأَحْمَسِيِّ قَالَ «أَبْصَرَ النَّبِيُّ نَاقَةً حَسَنَةً فِي إبِلِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ صَاحِبُ الصَّدَقَةِ: إنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَوَاشِي الْإِبِلِ، قَالَ: نَعَمْ إذًا» فَعَلِمْنَا أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْأَسْنَانِ الْمَخْصُوصَةِ وَالشَّاةِ لِبَيَانِ قَدْرِ الْمَالِيَّةِ وَتَخْصِيصُهَا فِي التَّعْبِيرِ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي (قَوْلُهُ وَصَارَ كَالْجِزْيَةِ) يُؤْخَذُ فِيهَا قَدْرُ الْوَاجِبِ كَمَا تُؤْخَذُ عَيْنُهُ.

(قَوْلُهُ لِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ) مِثْلُ «فِي خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ» (قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْلُهُ «لَيْسَ فِي الْحَوَامِلِ» إلَخْ) غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ زُهَيْرٌ: وَأَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ «هَاتُوا رُبْعَ الْعُشُورِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ حَتَّى تَتِمَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَى الْحَوَامِلِ شَيْءٌ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَجْزُومًا لَيْسَ فِيهِ قَالَ زُهَيْرٌ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ هَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْحَدِيثُ بَعْدَ صِحَّتِهِ يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ مُقَارِنًا لِأَصْلِ تَشْرِيعِ الزَّكَاةِ فَيَكُونُ مُخَصَّصًا، وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ مُتَأَخِّرًا فَيَكُونُ نَاسِخًا، وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ مُتَقَدِّمًا فَيَكُونُ مَنْسُوخًا بِالْعَامِ عَلَى أَصْلِنَا أَعْنِي نَحْوَ قَوْلِهِ «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ» فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ضَبْطِ التَّارِيخِ، فَإِنْ لَمْ يُضْبَطْ انْتَصَبَ مُعَارِضًا، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ تَقَدُّمُ عُمُومُ الْإِيجَابِ لِأَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعُمُومَ لَيْسَ عَلَى صِرَافَتِهِ بِالِاتِّفَاقِ لِتَخْصِيصِ غَيْرِ السَّائِمَةِ فَيَتَرَجَّحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>