للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ قَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الْحَوْلِ وَهُوَ مَالِكٌ لِلنِّصَابِ جَازَ) لِأَنَّهُ أَدَّى بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ فَيَجُوزُ كَمَا إذَا كَفَّرَ بَعْدَ

عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا لَوْ بَاعَ عَبْدَ الْخِدْمَةِ بِأَلْفٍ فَحَالَ عَلَى الثَّمَنِ الْحَوْلُ فَرَدَّ بِهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ زَكَّى الثَّمَنَ لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِعُرُضٍ لِلتِّجَارَةِ فَرَدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْحَوْلِ إنْ كَانَ بِقَضَاءٍ لَمْ يُزَكِّ الْبَائِعُ الْعَرْضَ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ، وَلَا الْعَبْدَ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَقَدْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ بِلَا قَضَاءٍ لَمْ يُزَكِّ الْمُشْتَرِي الْعَرْضَ وَزَكَّاهُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ الْجَدِيدِ حَتَّى يَصِيرَ الْعَبْدُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَانَ لِلتِّجَارَةِ، فَكَذَا الْبَدَلُ فَإِنْ نَوَى فِيهِ الْخِدْمَةَ كَانَ زَكَاةُ الْعَرْضِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ حَيْثُ اسْتَبْدَلَهُ بِغَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ وَهُوَ مَالِكٌ لِلنِّصَابِ) تَنْصِيصٌ عَلَى شَرْطِ جَوَازِ التَّعْجِيلِ فَلَوْ مَلَكَ أَقَلَّ فَعَجَّلَ خَمْسَةً عَنْ مِائَتَيْنِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى مِائَتَيْنِ لَا يَجُوزُ، وَفِيهِ شَرْطَانِ آخَرَانِ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ النِّصَابُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، فَلَوْ عَجَّلَ خَمْسَةً مِنْ مِائَتَيْنِ ثُمَّ هَلَكَ مَا فِي يَدِهِ إلَّا دِرْهَمًا ثُمَّ اسْتَفَادَ فَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى مِائَتَيْنِ جَازَ مَا عَجَّلَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَبْقَ الدِّرْهَمُ وَأَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كَامِلًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ، فَلَوْ عَجَّلَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ وَحَالَ الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ إنْ كَانَ صَرَفَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَقَعَتْ نَفْلًا، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فِي يَدِ السَّاعِي أَوْ الْإِمَامِ أَخَذَهَا، وَلَوْ كَانَ الْأَدَاءُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَقَعَ عَنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ انْتَقَصَ النِّصَابُ بِأَدَائِهِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا مِنْ الْإِيضَاحِ وَهُوَ فِي فَصْلِ السَّاعِي خِلَافُ الصَّحِيحِ، بَلْ الصَّحِيحُ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ السَّاعِي وُقُوعُهَا زَكَاةً فَلَا يَسْتَرِدُّهَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

رَجُلٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ إلَّا يَوْمًا فَعَجَّلَ مِنْ زَكَاتِهَا شَيْئًا ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَا بَقِيَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَصَدَّقَ بِشَاةٍ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَتَمَّ الْحَوْلُ لَا تَجُوزُ عَنْ الزَّكَاةِ. أَمَّا لَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ إلَى الْمُصَدِّقِ فَتَمَّ الْحَوْلُ وَالشَّاةُ فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ جَازَ، هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى الْمُصَدِّقِ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْ الْمَدْفُوعِ.

وَبَسَطَهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ إذَا عَجَّلَ خَمْسَةً مِنْ مِائَتَيْنِ فَأَمَّا إنْ حَالَ الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ أَوْ اسْتَفَادَ خَمْسَةً أُخْرَى فَحَالَ عَلَى مِائَتَيْنِ أَوْ انْتَقَصَ مِنْ الْبَاقِي دِرْهَمٌ فَصَاعِدًا: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: إذَا لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْخَمْسَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ السَّاعِي فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ وَيَأْخُذَ الْخَمْسَةَ مِنْ السَّاعِي لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِالدَّفْعِ إلَى السَّاعِي، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَهِيَ فِي مَعْنَى الضِّمَارِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ قَبْلَ الْحَوْلِ.

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الزَّكَاةُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ يَدَ السَّاعِي فِي الْمَقْبُوضِ يَدُ الْمَالِكِ قَبْلَ الْوُجُوبِ، فَقِيَامُهَا فِي يَدِهِ كَقِيَامِهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ، وَلِأَنَّ الْمُعَجَّلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ زَكَاةً فَتَكُونَ يَدُهُ يَدَ الْفُقَرَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِيرَ زَكَاةً فَتَكُونَ يَدُهُ يَدَ الْمَالِكِ، فَاعْتَبَرْنَا يَدَهُ يَدَ الْمَالِكِ احْتِيَاطًا، وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِنَفْيِ الْوُجُوبِ يُؤَدِّي إلَى الْمُنَاقَضَةِ. بَيَانُهُ أَنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ الزَّكَاةَ بَقِيَتْ الْخَمْسَةُ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حَالَ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ كَامِلٌ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى عَدَمِ تَقْدِيرِ إيجَابِ الزَّكَاةِ، وَإِذَا قُلْنَا تَجِبُ تَجِبُ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِّ لَا مُسْتَنِدًا لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَنَدَ الْوُجُوبُ إلَى أَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>