السَّاعِي قِيلَ يَضْمَنُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ لِانْعِدَامِ التَّفْوِيتِ، وَفِي الِاسْتِهْلَاكِ وُجِدَ التَّعَدِّي، وَفِي هَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ اعْتِبَارًا لَهُ بِالْكُلِّ.
الْمَوْلَى حَتَّى هَلَكَ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إقَامَةُ عَبْدٍ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ قِيلَ يَضْمَنُ) وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ (وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُهَيْلٍ الزَّجَّاجِيِّ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ لِأَنَّ السَّاعِيَ وَإِنْ تَعَيَّنَ لَكِنْ لِلْمَالِكِ رَأْيٌ فِي اخْتِيَارِ مَحَلِّ الْأَدَاءِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ، ثُمَّ الْقِيمَةُ شَائِعَةٌ فِي مَحَالَّ كَثِيرَةٍ، وَالرَّأْيُ يَسْتَدْعِي زَمَانًا فَالْحَبْسُ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى أَحَدٍ مِلْكًا وَلَا يَدًا، بِخِلَافِ مَنْعِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ طَلَبِ صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ بَدَلُ الْيَدِ بِذَلِكَ فَصَارَ مُفَوِّتًا لِيَدِ الْمَالِكِ.
(فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَحَلِّ)
اسْتِبْدَالُ مَالِ التِّجَارَةِ بِمَالِ التِّجَارَةِ لَيْسَ اسْتِهْلَاكًا بِغَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ اسْتِهْلَاكٌ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْوِيَ فِي الْبَدَلِ عَدَمَ التِّجَارَةِ عِنْدَ الِاسْتِبْدَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ فِي الْبَدَلِ عَدَمَ التِّجَارَةِ وَقَدْ كَانَ الْأَصْلُ لِلتِّجَارَةِ يَقَعُ الْبَدَلُ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا عِنْدَ مَالِكِهِ.
فِي الْكَافِي: لَوْ تَقَايَضَا عَبْدًا بِعَبْدٍ وَلَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا فَإِنْ كَانَا لِلتِّجَارَةِ فَهُمَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ فَهُمَا لِلْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْخِدْمَةِ فَبَدَلُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لِلتِّجَارَةِ وَبَدَلُ مَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ لِلْخِدْمَةِ، فَلَوْ اسْتَبْدَلَ بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ هَلَكَ الْبَدَلُ بِغَيْرِ صُنْعٍ مِنْهُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَنْ الْأَصْلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَدَلُ مَالَ تِجَارَةٍ لَا يَضْمَنُ زَكَاةَ الْأَصْلِ بِهَلَاكِ الْبَدَلِ، وَاسْتِبْدَالُ السَّائِمَةِ اسْتِهْلَاكٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَبْدَلَهَا بِسَائِمَةٍ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ سَائِمَةِ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضٍ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ وَقَدْ تَبَدَّلَتْ، فَإِذَا هَلَكَتْ سَائِمَةُ الْبَدَلِ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا اسْتَبْدَلَ بِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، أَمَّا إذَا بَاعَهَا قَبْلَهُ فَلَا حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْبَدَلِ إلَّا بِحَوْلٍ جَدِيدٍ أَوْ يَكُونَ لَهُ دَرَاهِمُ وَقَدْ بَاعَهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ.
وَإِقْرَاضُ النِّصَابِ الدَّرَاهِمَ بَعْدَ الْحَوْلِ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ، فَلَوْ تَوَى الْمَالَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ لَا تَجِبُ وَمِثْلُهُ إعَارَةُ ثَوْبِ التِّجَارَةِ. رَجُلٌ لَهُ أَلْفٌ حَالَ حَوْلُهَا فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدَ التِّجَارَةِ فَمَاتَ أَوْ عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ فَهَلَكَتْ بَطَلَتْ عَنْهُ زَكَاةُ الْأَلْفِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ لَمْ تَسْقُطْ بِمَوْتِهِ، فَلَوْ كَانَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ ضَمِنَ. فِي الْوَجْهُ الْأَوَّلِ عُلِمَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا فِي قَدْرِ الْغَبْنِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ بِإِزَائِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا اسْتَوَى الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ وَهَبَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ رَجَعَ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَوْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ وَالنُّقُودُ تَتَعَيَّنُ فِي مِثْلِهِ فَعَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ ثُمَّ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَمَا حَالَ الْحَوْلُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَكَذَلِكَ، خِلَافًا لِزُفَرَ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: يَجِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فَكَانَ تَمْلِيكًا.
قُلْنَا: بَلْ غَيْرُ مُخْتَارٍ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الرَّدِّ أُجْبِرَ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَوْ رَدَّ عَبْدَ الْخِدْمَةِ بِعَيْبٍ وَاسْتَرَدَّ الْأَلْفَ لَمْ يَبْرَأْ لَوْ هَلَكَتْ لِأَنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِعَرْضِ التِّجَارَةِ وَحَالَ حَوْلُهُ فَرَدَّ بِقَضَاءٍ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute