. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى السَّبَبِ.
وَجَوَابُهُ أَنَّ النِّصَابَ الْأَوَّلَ هُوَ السَّبَبُ الْأَصْلِيُّ وَمَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَهُ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ السَّبَبُ. وَفِيهِ أَنْ يُقَالَ: إنْ اُعْتُبِرَ سَبَبًا لِوُجُوبِ عَشَرَةٍ مَثَلًا فَبَاطِلٌ وَإِلَّا لَا يُفِيدُ، وَكَوْنُهُ الْأَصْلَ بِمَعْنَى أَوَّلِ مَكْسُوبٍ لَا يُوجِبُ لُزُومَ هَذَا الِاعْتِبَارِ شَرْعًا إلَّا بِسَمْعِيٍّ لَكِنَّهُ قَدْ وُجِدَ فَهُوَ الدَّلِيلُ. فَلَوْ مَلَكَ مِائَتَيْنِ فَجَعَلَ مِنْهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ أَلْفٍ ثُمَّ اسْتَفَادَهَا فَتَمَّ الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ أَلْفٌ جَازَ عَنْ الْأَلْفِ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: لَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ الْحَوَامِلِ: يَعْنِي الْحَبَالَى فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ عَنْهَا وَعَمَّا فِي بُطُونِهَا ثُمَّ نَتَجَتْ خَمْسًا قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَهُ عَمَّا عَجَّلَ، وَإِنْ عَجَّلَ عَمَّا تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِي هَذَا أَكْثَرُ مِنْ كَوْنِهِ عَيْنَ الْمَدْفُوعِ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ فِي يَدِهِ فَأَخْرَجَ عَنْهُ عَيْنًا قَدْرَ زَكَاتِهِ وَعِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا لَا يَضُرُّ وَيَلْغُوا تَعْيِينُهُ، فَكَذَا هَذَا إذْ لَا فَرْقَ سِوَى أَنَّ الْمُخْرَجَ عَنْهُ مَعْدُومٌ فِي الْحَالِّ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ لِأَنَّ جَوَازَ التَّعْجِيلِ لِنُصُبٍ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَهُ وَالْمَلْزُومُ ثَابِتٌ فَكَذَا الْآخَرُ، وَإِذْ قَدْ انْسَقْنَا إلَى ذِكْرِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ فَلْنَذْكُرْ مِنْ فُرُوعِهِ. رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِيضٍ وَأَلْفٌ سُودٌ فَعَجَّلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ الْبِيضِ فَهَلَكَتْ الْبِيضُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي السُّودِ وَيَكُونُ الْمُخْرَجَ عَنْهَا، وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ عَنْ السُّودِ فَهَلَكَتْ وَتَمَّ عَلَى الْبِيضِ وَلَوْ حَالَ وَهُمَا عِنْدَهُ ثُمَّ ضَاعَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ كَانَ نِصْفُ مَا عَجَّلَ عَمَّا بَقِيَ وَعَلَيْهِ تَمَامُ زَكَاةِ مَا بَقِيَ، وَكَذَا لَوْ أَدَّى عَنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْحَوْلِ كَانَ الْأَدَاءُ عَنْهَا.
وَفِي النَّوَادِرِ خِلَافُ هَذَا قَالَ: إذَا عَجَّلَ عَنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ بِعَيْنِهِ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الْمُعَجَّلِ عَنْ الْبَاقِي وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفٌ فَعَجَّلَ عِشْرِينَ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ ثُمَّ هَلَكَ مِنْهَا ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَقِيَتْ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ تَشِيعُ فِي الْكُلِّ فَيَكُونُ قَدْ أَعْطَى عَنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَبَقِيَ لِكُلِّ مِائَتَيْنِ دِرْهَمٌ، وَلَوْ هَلَكَتْ الثَّمَانِمِائَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا فِي مِائَتَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ فَعَجَّلَ عَنْ الدَّنَانِيرِ قَبْلَ الْحَوْلِ دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا ثُمَّ ضَاعَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَحَالَ عَلَى الدَّرَاهِمِ جَازَ مَا عَجَّلَ عَنْ الدَّرَاهِمِ إذَا كَانَ يُسَاوِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَإِلَّا كَمَّلَ، وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ هَلَكَتْ جَازَ عَنْ الدَّنَانِيرِ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَهْلَكْ أَحَدُهُمَا حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ ثُمَّ هَلَكَ فَالْمَالُ الَّذِي عَجَّلَ عَنْهُ كَانَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْمَالَيْنِ إلَى آخِرِ مَا قَدَّمْنَا فِي الْبِيضِ وَالسُّودِ.
وَهَذَا بِنَاءً عَلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي النَّقْدَيْنِ بِدَلِيلِ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ لِيَكْمُلَ النِّصَابُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَعَجَّلَ شَاةً عَنْ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ ثُمَّ هَلَكَ لَا يَكُونُ عَنْ الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ فَعَجَّلَ عَنْ الْعَيْنِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ جَازَ عَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَهُ لَا يَقَعُ عَنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute