للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَاهُ إذَا سَقَاهُ بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تُسْقَى بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَفِيهَا الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ فِي مِثْلِ هَذَا تَدُورُ مَعَ الْمَاءِ

(وَلَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فِي دَارِهِ شَيْءٌ)

بَقَاءَ الْوَظِيفَةِ فِيهِ مَانِعٌ فَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ السَّابِقُ.

هَذَا ثُمَّ إلَى الْآنَ لَمْ يَحْصُلْ جَوَابُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ التَّغْيِيرَ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ تَعَلُّقِهِ فَلَا يَجُوزُ وَالتَّضْعِيفُ أَيْضًا إبْطَالٌ لَهُ؛ لِأَنَّ مَصْرِفَ الْعُشْرِ الْمُضَاعَفِ مَصَارِفُ الْجِزْيَةِ، وَإِبْقَاءُ حَقِّهِمْ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّ مَالَهُ غَيْرُ صَالِحٍ لَهُ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إحْدَى الْوَظَائِفِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا إخْلَاؤُهَا مُطْلَقًا وَجَبَ إجْبَارُهُ عَلَى إخْرَاجِهَا، كَمَا إذَا اشْتَرَى الذِّمِّيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا عِنْدَنَا يَصِحُّ، وَيُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ. فَإِنْ قُلْت: فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ أَوَّلٌ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَتْ الْوَظَائِفُ وَالْإِخْلَاءُ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَبْقَى فَلَا فَائِدَةَ فِي تَصْحِيحِ الْعَقْدِ ثُمَّ الْإِجْبَارُ عَلَى الْإِخْرَاجِ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ نَفْيَ الْفَائِدَةِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ إذْ قَدْ يَسْتَتْبِعُ فَائِدَةَ التِّجَارَةِ وَالِاكْتِسَابِ أَوْ قَصْدَ الْهِبَةِ فِي أَغْرَاضٍ كَثِيرَةٍ فَيَجِبُ التَّصْحِيحُ.

(قَوْلُهُ فَجَعَلَهَا بُسْتَانًا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا بُسْتَانًا وَفِيهَا نَخْلٌ تَغُلُّ أَكْرَارًا لَا شَيْءَ فِيهَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَظِيفَةَ تَدُورُ فِي مِثْلِهِ مَعَ الْمَاءِ)، فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ خَرَاجِيًّا فَفِيهَا الْخَرَاجُ وَإِنْ كَانَتْ عُشْرِيَّةً فِي الْأَصْلِ سَقَطَ عُشْرُهَا بِاخْتِطَاطِهَا دَارًا، وَإِنْ سُقِيَتْ بِمَاءِ الْعُشْرِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ خَرَاجِيَّةً سَقَطَ خَرَاجُهَا بِالِاخْتِطَاطِ أَيْضًا، فَالْوَظِيفَةُ فِي حَقِّهِ تَابِعَةٌ لِلْمَاءِ، وَلَيْسَ فِي جَعْلِهَا خَرَاجِيَّةً إذَا سُقِيَتْ بِمَاءِ الْخَرَاجِ ابْتِدَاءً تَوْظِيفُ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَمَا ظَنَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ حُسَامُ الدِّينِ السِّغْنَاقِيُّ فِي النِّهَايَةِ، وَأَيَّدَ عَدَمَ امْتِنَاعِهِ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو الْيُسْرِ مِنْ أَنَّ ضَرْبَ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ، وَقَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ لَا صَغَارَ فِي خَرَاجِ الْأَرَاضِيِ إنَّمَا الصَّغَارُ فِي خَرَاجِ الْجَمَاجِمِ بَلْ إنَّمَا هُوَ انْتِقَالُ مَا تَقَرَّرَ فِيهِ الْخَرَاجُ بِوَظِيفَتِهِ إلَيْهِ وَهُوَ الْمَاءُ فَإِنَّ فِيهِ وَظِيفَةَ الْخَرَاجِ، فَإِذَا سُقِيَ بِهِ انْتَقَلَ هُوَ بِوَظِيفَتِهِ إلَى أَرْضِ الْمُسْلِمِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى خَرَاجِيَّةً، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُقَاتِلَةَ هُمْ الَّذِينَ حَمَوْا هَذَا الْمَاءَ فَثَبَتَ حَقُّهُمْ فِيهِ وَحَقُّهُمْ هُوَ الْخَرَاجُ، فَإِذَا سَقَى بِهِ مُسْلِمٌ أُخِذَ مِنْهُ حَقُّهُمْ، كَمَا أَنَّ ثُبُوتَ حَقِّهِمْ فِي الْأَرْضِ أَعَنَى خَرَاجَهَا لِحِمَايَتِهِمْ إيَّاهَا يُوجِبُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ مُحَمَّدٌ فِي أَبْوَابِ السِّيَرِ مِنْ الزِّيَادَاتِ: بِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُبْتَدَأُ بِتَوْظِيفِ الْخَرَاجِ وَحَمَلَهُ السَّرَخْسِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُبَاشِرْ سَبَبَ ابْتِدَائِهِ بِذَلِكَ لِيَخْرُجَ هَذَا الْمَوْضِعُ، وَأَنْتَ عَلِمْت أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْهُ.

وَقَوْلُهُ الْوَظِيفَةُ فِي مِثْلِهِ أَيْ فِيمَا هُوَ ابْتِدَاءُ تَوْظِيفٍ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ هَذَا وَمِنْ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا لَا كُلِّ مَا لَمْ يَتَقَرَّرْ أَمْرُهُ فِي وَظِيفَةٍ كَمَا فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ جَعَلَ دَارَ خُطَّتِهِ بُسْتَانًا أَوْ أَحْيَا أَرْضًا أَوْ رَضَخَتْ لَهُ لِشُهُودِهِ الْقِتَالَ كَانَ فِيهَا الْخَرَاجُ وَإِنْ سَقَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِيِّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>