لِأَنَّ عُمَرَ ﵁ جَعَلَ الْمَسَاكِنَ عَفْوًا (وَإِنْ جَعَلَهَا بُسْتَانًا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ) وَإِنْ سَقَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ لِتَعَذُّرِ إيجَابِ الْعُشْرِ إذْ فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فَيَتَعَيَّنُ الْخَرَاجُ وَهُوَ عُقُوبَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهِ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْمَاءِ الْعُشْرِيِّ، إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ عُشْرًا وَاحِدًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ عُشْرَانِ وَقَدْ مَرَّ الْوَجْهُ فِيهِ، ثُمَّ الْمَاءُ الْعُشْرِيُّ مَاءُ السَّمَاءِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالْبِحَارِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ تَحْتَ وِلَايَةِ أَحَدٍ، وَالْمَاءُ الْخَرَاجِيُّ مَاءُ الْأَنْهَارِ الَّتِي
قَيَّدَ بِهِ لِيُفِيدَ النَّفْيَ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالدَّلَالَةِ لِأَنَّ الْمَجُوسَ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ مُنَاكَحَتِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ عُمَرَ ﵁ جَعَلَ الْمَسَاكِنَ عَفْوًا) هَكَذَا هُوَ مَأْثُورٌ فِي الْقَصَصِ وَكُتُبِ الْآثَارِ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ لِأَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ جَعَلَ الْخَرَاجَ عَلَى الْأَرْضِينَ الَّتِي تَغُلُّ وَاَلَّتِي تَصْلُحُ لِلْغَلَّةِ مِنْ الْعَامِرَةِ، وَعَطَّلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَسَاكِنَ وَالدُّورَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُهُمْ وَتَوَارَثَهُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ، وَحَكَى عَلَيْهِ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَقَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ) لِأَنَّ الْعُشْرَ فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ وَالْكُفْرُ يُنَافِيهِ. وَقَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ: فِيمَا إذَا اتَّخَذَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ بُسْتَانًا أَوْ رَضَخَتْ لَهُ أَرْضٌ أَوْ أَحْيَاهَا فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ، وَإِنْ سَقَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِمَا الْعُشْرُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ إذَا سَقَى دَارِهِ الَّذِي جَعَلَهَا بُسْتَانًا بِمَاءِ الْخَرَاجِ حَيْثُ يَجِبُ الْخَرَاجُ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهَا عُشْرَانِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ عُشْرٌ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ مِنْ أَصْلِهِمَا ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَرْضٍ اسْتَقَرَّ فِيهَا الْعُشْرُ. وَصَارَ وَظِيفَةً لَهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي يَدِ مُسْلِمٍ اهـ. وَقَدْ قَرَّرَ هُوَ ثُبُوتَ الْوَظِيفَةِ فِي الْمَاءِ وَهُوَ حَقٌّ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُدْفَعُ مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ بِمَا أَوْرَدَهُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَاءُ الْعُشْرِي مَاءُ السَّمَاءِ) وَالْعُيُونُ وَالْبِحَارُ الَّتِي لَا يَتَحَقَّقُ وُرُودُ يَدِ أَحَدٍ عَلَيْهَا، وَمَاءُ الْخَرَاجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute