للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يُبَالِي بِاخْتِلَافِ جِهَاتِهِ، وَاَلَّذِي ذَهَبْنَا إلَيْهِ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ

(وَلَا يَجُوزُ أَنَّهُ يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إلَى ذِمِّيٍّ) «لِقَوْلِهِ لِمُعَاذٍ خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ». قَالَ (وَيَدْفَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الصَّدَقَةِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَدْفَعُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارًا بِالزَّكَاةِ. وَلَنَا قَوْلُهُ «تَصَدَّقُوا عَلَى أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا»

أَجْزَأَك اهـ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ الْآيَةَ، قَالَ: أَيُّمَا صِنْفٍ أَعْطَيْته مِنْ هَذَا أَجْزَأَ عَنْك. حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْفَرْضَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَيَجْعَلُهُ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ.

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا وَضَعْتهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَك، وَأَخْرَجَ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ.

وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ».

وَالْفُقَرَاءُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ تَسْمَعُهُ قَرِيبًا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالٌ، فَجَعَلَهُ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ وَهُمْ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَزَيْدُ الْخَيْلِ قَسَّمَ فِيهِمْ الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا مُعَاذٌ مِنْ الْيَمَنِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَتَاهُ مَالٌ آخَرُ فَجَعَلَهُ فِي صِنْفٍ آخَرَ، وَهُمْ الْغَارِمُونَ، فَقَالَ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ حِينَ أَتَاهُ، وَقَدْ تَحَمَّلَ حِمَالَةً «يَا قَبِيصَةُ قُمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا». وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ أَنَّهُ أَمَرَ لَهُ بِصَدَقَةِ قَوْمِهِ. وَأَمَّا الْآيَةُ فَالْمُرَادُ بِهَا بَيَانُ الْأَصْنَافِ الَّتِي يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ. قِيلَ: وَلَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِهِمْ مَا يُخَالِفُهُمْ قَوْلًا وَلَا فِعْلًا.

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ لِمُعَاذٍ إلَخْ) رَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ «إنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».

(قَوْلُهُ وَيُدْفَعُ لَهُمْ) أَيْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ (مَا سِوَى ذَلِكَ) كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَلَا يُدْفَعُ ذَلِكَ لِحَرْبِيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ، فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ (قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْلُهُ «تَصَدَّقُوا عَلَى أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا»)

<<  <  ج: ص:  >  >>