للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِمَ أَنَّهُ فَقِيرٌ هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَخْصٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ لَا يُجْزِيهِ لِانْعِدَامِ التَّمْلِيكِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ وَهُوَ الرُّكْنُ عَلَى مَا مَرَّ.

(وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ) لِأَنَّ الْغِنَى الشَّرْعِيَّ مُقَدَّرٌ بِهِ، وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ

يَظْهَرَ أَنَّهُ مَصْرِفٌ فَيُجْزِيهِ فِي الصَّحِيحِ، وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا كَمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ حَالَةَ الِاشْتِبَاهِ إلَى غَيْرِ جِهَةِ التَّحَرِّي فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَإِنَّ ظَهَرَ صَوَابُهُ، وَالْحَقُّ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْجَوَازِ هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ مَعْصِيَةٌ لِتَعَمُّدِهِ الصَّلَاةَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إذْ هِيَ التَّحَرِّي، حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : أَخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرَ، فَلَا تَنْقَلِبُ طَاعَةً، وَهُنَا نَفْسُ الْإِعْطَاءِ لَا يَكُونُ بِهِ عَاصِيًا فَصَلُحَ وُقُوعُهُ مُسْقِطًا إذَا ظَهَرَ صَوَابُهُ.

الثَّالِثُ: إذَا شَكَّ فَتَحَرَّى فَظَنَّهُ مَصْرِفًا فَدَفَعَ فَظَهَرَ خِلَافُهُ، وَهِيَ الْخِلَافِيَّةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ) مِنْ فُرُوعِهَا: قَوْمٌ دَفَعُوا الزَّكَاةَ إلَى مَنْ يَجْمَعُهَا لِفَقِيرٍ فَاجْتَمَعَ عِنْدَ الْآخِذِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ جَمَعَهُ لَهُ بِأَمْرِهِ، قَالُوا: كُلُّ مَنْ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَا فِي يَدِ الْجَانِي مِائَتَيْنِ جَازَتْ زَكَاتُهُ، وَمَنْ دَفَعَ بَعْدَهُ لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَقِيرُ مَدْيُونًا فَيُعْتَبَرُ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مِائَتَيْنِ تَفْضُلُ بَعْدَ دَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ الْكُلُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ هُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْفَقِيرِ فَمَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ يَمْلِكُهُ، وَفِي الثَّانِي وَكِيلُ الدَّافِعِينَ فَمَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِلْكُهُمْ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ فَقِيرًا أَلْفًا وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَوَزَنَهَا مِائَةً مِائَةً وَقَبَضَهَا كَذَلِكَ يُجْزِيهِ كُلُّ الْأَلْفِ مِنْ الزَّكَاةِ إذَا كَانَتْ كُلُّهَا حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ وَدَفَعَ كُلَّهَا فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَهَا جُمْلَةً، وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً فَاسْتَدْعَى بِهَا مِائَةً مِائَةً كُلَّمَا حَضَرَتْ مِائَةٌ دَفَعَهَا إلَيْهِ لَا يَجُوزُ مِنْهَا إلَّا مِائَتَانِ وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ.

(قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ) أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ نِصَابٌ لَيْسَ نَامِيًا وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ بِحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَا فِيمَنْ يَمْلِكُ كُتُبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>