بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَرَى قِسْمَةَ الرَّقِيقِ وَهُمَا يَرَيَانِهِمَا، وَقِيلَ: هُوَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ النَّصِيبُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ تَتِمَّ الرَّقَبَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَيُؤَدِّي الْمُسْلِمُ الْفِطْرَةَ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ) لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ ﵊ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ» الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَحَقَّقَ وَالْمَوْلَى مِنْ أَهْلِهِ،
يَجِبُ عَلَى سَيِّدَيْ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ الْكَافِرِ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَعَنْ هَذَا قِيلَ: هُوَ أَعْنِي عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبِيدِ بِالْإِجْمَاعِ أَيْ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ كَانَ لَهُمَا جَارِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ أَوْ ادَّعَيَا لَقِيطًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا عَنْ الْأُمِّ لِمَا قُلْنَا وَتَجِبُ عَنْ الْوَلَدِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ ثَابِتَةٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمُلَا إذْ ثُبُوتُ النَّسَبِ لَا يَتَجَزَّأُ، وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ وَلَدًا لِلْبَاقِي مِنْهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِمَا صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا وَالْمُؤْنَةَ عَلَيْهِمَا فَكَذَا الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّجَزُّؤِ وَالْمُؤْنَةِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا فَعَلَى الْآخَرِ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَهُمَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ مَأْسُورٌ أَوْ مَغْصُوبٌ مَجْحُودٌ وَلَا بَيِّنَةَ فَحَلَفَ لِلْغَاصِبِ فَعَادَ الْآبِقُ، وَرُدَّ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا مَضَى، وَيُؤَدِّي عَنْ عَبْدِهِ الْمَرْهُونِ إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ: يَعْنِي وَلَهُ نِصَابٌ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ حَتَّى يَفْتَكَّهُ فَإِذَا افْتَكَّهُ أَعْطَى لِمَا مَضَى، وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ عَبْدِهِ الْمُسْتَأْجَرِ وَالْمَأْذُونِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ، وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبْدِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى عَبْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ لِلتِّجَارَةِ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ الْمَأْذُونُ لِلْخِدْمَةِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى لِلْإِكْسَابِ وَعَدَمِهِ وَفِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُسْتَعَارُ الْوَدِيعَةُ وَالْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ، وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ مِنْ سَهْوِ الْقَلَمِ، وَلَوْ بِيعَ الْعَبْدُ بَيْعًا فَاسِدًا فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَعْتَقَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَا لَوْ مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَهُوَ مَقْبُوضُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ بَاعَهُ فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ.
(قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا) اسْتَدَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute