وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ ﵀ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ عَلَى الْعَبْدِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَلَا وُجُوبَ بِالِاتِّفَاقِ.
(وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ) مَعْنَاهُ إذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْخِيَارُ بَاقٍ، وَقَالَ زُفَرُ ﵀: عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ لِأَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِهِ كَالنَّفَقَةِ، وَلَنَا أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ
بِأَمْرَيْنِ ثَانِيهِمَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ فَيَبْقَى الْأَوَّلُ سَالِمًا، أَمَّا الْحَدِيثُ، فَهُوَ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ ﵊ «أَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ» وَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ عُدَّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ قِبَلِ سَلَّامٍ الطَّوِيلِ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ مَرْمِيٌّ بِالْوَضْعِ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَلَفْظُهُ مَجُوسِيٌّ لَمْ تُعْلَمْ مَرْوِيَّةٌ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْعَبْدِ فِي الصَّحِيحِ يُوجِبُهَا فِي الْكَافِرِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يُعَارِضُهُ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَدَمِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأَسْبَابِ لِأَنَّهُ تَزَاحُمٌ فِيهَا فَيُمْكِنُ بِهِمَا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمُقَيَّدِ وَالْمُطْلَقِ سَبَبًا بِخِلَافِ وُرُودِهِمَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ إفْرَادَ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ لَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ إنَّ تَعْلِيقَ حُكْمٍ بِمُطْلَقٍ ثُمَّ تَعْلِيقَهُ بِعَيْنِهِ بِمُقَيَّدٍ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْمُطْلَقَ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، نَعَمْ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِهِمَا صُيِّرَ إلَيْهِ ضَرُورَةً.
(قَوْلُهُ: وَأَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ) أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْخِيَارُ بَاقٍ تَجِبُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ الْعَبْدُ لَهُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ فُسِخَ فَعَلَى الْبَائِعِ، وَقَالَ زُفَرُ: تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute