للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ صَاعٌ لِحَدِيثِ «أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ». وَلَنَا مَا رَوَيْنَا وَهُوَ مَذْهَبُ

عَلَيْهِ عَنْ قَرِيبٍ، وَدَفْعُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِعِزَّةِ الزَّبِيبِ فِي زَمَانِهِ كَالْحِنْطَةِ لَا يَقْوَى لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَى قَدْرٍ فِيهِ لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ فِيهِ نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ.

(قَوْلُهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ وَالْآثَارَ تَعَارَضَتْ فِي مِقْدَارِ الْحِنْطَةِ وَلَا بَأْسَ بِسَوْقِ نُبْذَةٍ مِنْهَا لِنُطْلِعكَ عَلَى الْحَالِ، أَمَّا مَا مِنْ طَرَفِنَا فَسَيَأْتِي مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا مَا مِنْ طَرَفِ الْمُخَالِفِ لَنَا فَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ كُنَّا نَخْرُجُ إذْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ. أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: إنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ. رَوَاهُ السِّتَّةُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا.

وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِلَفْظَةِ طَعَامٍ فَإِنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَتَبَادَرُ مِنْهَا الْبُرُّ، وَأَيْضًا فَقَدْ عُطِفَ عَلَيْهِ هُنَا التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ وَغَيْرُهُمَا فَلَمْ يَبْقَ مُرَادُهُ مِنْهُ إلَّا الْحِنْطَةُ، وَلِأَنَّهُ أَبَى أَنْ يُخْرِجَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ وَقَالَ: لَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ، فَدَلَّ أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ مِنْهُ صَاعًا، وَأَيْضًا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ عَنْهُ «صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ»، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ أَيْضًا عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَذَكَرَ عِنْدَهُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ فَقَالَ: لَا أُخْرِجُ إلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ، فَقَالَ: لَا تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا وَصَحَّحَهُ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ بُرٍّ» الْحَدِيثَ وَصَحَّحَهُ. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَيُّوبَ إلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ صَدَقَةَ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي الْمُشْكِلِ عَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ أَيُّوبَ يَبْلُغُ بِهِ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ إلَى أَنْ قَالَ: أَوْ صَاعًا مِنْ بُرٍّ، قَالَ: ثُمَّ عَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مِمَّا سِوَاهُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ حَضَّ عَلَى صَدَقَةِ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ» وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرْنَا أَنْ نُعْطِيَ صَدَقَةَ رَمَضَانَ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، مَنْ أَدَّى بُرًّا قُبِلَ مِنْهُ، وَمَنْ أَدَّى شَعِيرًا قُبِلَ مِنْهُ» الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَفِيهِ أَوْ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ».

وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ «أَخْرِجُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ» قَالَ: وَطَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الْبُرُّ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ.

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْهُ «فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَاعُ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ» (قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَلَنَا مَا رَوَيْنَا إلَخْ) يُرِيدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا بَعْضَ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ، وَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>