وَلَهُمَا فِي الزَّبِيبِ أَنَّهُ وَالتَّمْرُ يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَقْصُودِ، وَلَهُ أَنَّهُ
شَعِيرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعِ قَمْحٍ» الْحَدِيثَ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مَشْهُورُونَ، إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ مُرْسَلٌ فَإِنَّهُ يَعْرِفُ أَهْلُ الْأُصُولِ يَعُمُّ نَحْوَ هَذَا، وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ» رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ» قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَالشَّمْسِ، وَكَوْنُهُ مُرْسَلًا لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ مُرْسَلُ سَعِيدٍ وَمَرَاسِيلُهُ حُجَّةٌ اهـ. وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ حَدِيثُ مُدَّيْنِ خَطَأٌ حَمَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْدِيلَ بِمُدَّيْنِ كَانَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ رَجَّحَ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَهُوَ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ الْقَدْرُ اللَّازِمُ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كَمُعَاوِيَةَ أَوْ حَضَرَ وَقْتَ خُطْبَتِهِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ فَرْضِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْحِنْطَةِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عِلْمِ أُولَئِكَ عَنْهُ ﵊ عَدَمُهُ عَنْهُ فِي الْوَاقِعِ، نَعَمْ قَدْ يَكُونُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ لَكِنْ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَلْبَتَّةَ، بَلْ يَجِبُ الْبَقَاءُ مَعَ عَدَمِهِ مَا لَمْ يُنْقَلْ وُجُودُهُ مِنْهُ ﵊ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فَيَجِبُ قَبُولُهُ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ فَإِنَّ الْأَخْبَارَ تُفِيدُ أَنَّ فَرْضَهُ فِي الْحِنْطَةِ كَانَ بِمَكَّةَ بِإِرْسَالِ الْمُنَادَى بِهِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَمِنْ الْجَائِزِ غَيْبَتُهُ فِي وَقْتِ النِّدَاءِ أَوْ شُغْلُهُ عَنْهُ خُصُوصًا وَهُمْ إنَّمَا كَانُوا فِيهَا عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ آخِذِينَ فِي أُهْبَتِهِ.
وَمِمَّا رُوِيَ فِيهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلِاسْتِشْهَادِ بِهِ مَا أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ «عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ﵁ وَعَنْهَا قَالَتْ: كُنَّا نُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ بِالْمُدِّ الَّذِي يَقْتَاتُونَ بِهِ».
وَحَدِيثُ ابْنِ لَهِيعَةَ صَالِحٌ لِلْمُتَابَعَاتِ سِيَّمَا وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إمَامٍ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ، ثُمَّ قَدْ رَوَى عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ، وَأَنَّ رَجُلًا أَدَّى إلَيْهِ صَاعًا بَيْنَ اثْنَيْنِ. وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ ﷺ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ زَبِيبٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ ﵁ وَكَثُرَتْ الْحِنْطَةُ جَعَلَ عُمَرُ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ مَكَانَ صَاعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ». وَأُعِلَّ سَنَدُهُ بِابْنِ أَبِي رَوَّادٍ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ، وَمَتْنُهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّعْدِيلَ بِذَلِكَ إنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا هُوَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُك نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: زَكَاةُ الْفِطْرِ مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَرَوَى أَيْضًا حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ، قَالَ مَعْمَرُ: بَلَغَنِي أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَرْفَعُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ صَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute