للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبُرُّ يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلُّهُ، بِخِلَافِ الشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤْكَلُ وَيُلْقَى مِنْ التَّمْرِ النَّوَاةُ وَمِنْ الشَّعِيرِ النُّخَالَةُ، وَبِهَذَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ، وَمُرَادُهُ مِنْ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْبُرِّ، أَمَّا دَقِيقُ الشَّعِيرِ فَكَالشَّعِيرِ، الْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِمَا الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ احْتِيَاطًا، وَإِنْ نَصَّ عَلَى الدَّقِيقِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ.

وَالْخُبْزُ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ هُوَ الصَّحِيحُ،

الْإِمَامِ: هَذَا الْخَبَرُ الْوَقْفُ فِيهِ مُتَحَقِّقٌ، وَأَمَّا الرَّفْعُ فَإِنَّهُ بَلَاغٌ لَمْ يُبَيِّنْ مَعْمَرٌ فِيهِ مَنْ حَدَّثَهُ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ سِوَى الْحِنْطَةِ فَفِيهِ صَاعٌ وَفِي الْحِنْطَةِ نِصْفُ صَاعٍ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ طَاوُسٍ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ وَقَالَ: مَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَوَى عَنْهُ خِلَافَ ذَلِكَ اهـ.

كَأَنَّ إخْرَاجَ أَبِي سَعِيدٍ ظَاهِرٌ فَلَمْ يَحْتَرِزْ عَنْهُ، وَلَوْ تَنَزَّلْنَا إلَى ثُبُوتِ التَّكَافُؤِ فِي السَّمْعِيَّاتِ كَانَ ثُبُوتُ الزِّيَادَةِ عَلَى مُدَّيْنِ مُنْتَفِيًا إذْ لَا يُحْكَمُ بِالْوُجُوبِ مَعَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَقْصُودِ) وَهُوَ التَّفَكُّهُ وَالِاسْتِحْلَاءُ، وَقَوْلُهُ: يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى: هُوَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُؤْكَلُ كُلُّهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِمَا) أَيْ فِي الدَّقِيقِ (الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ جَمِيعًا احْتِيَاطًا وَإِنْ نَصَّ عَلَى الدَّقِيقِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ) وَهُوَ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ سُلْتٍ» وَالْمُرَادُ دَقِيقُ الشَّعِيرِ.

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ بِأَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ صَاعٍ دَقِيقَ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعًا دَقِيقَ شَعِيرٍ يُسَاوِيَانِ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ وَصَاعِ شَعِيرٍ لَا أَقَلَّ مِنْ نِصْفٍ يُسَاوِي نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ أَوْ أَقَلَّ مِنْ صَاعٍ يُسَاوِي صَاعَ شَعِيرٍ، وَلَا نِصْفٌ لَا يُسَاوِي نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ لَا يُسَاوِي صَاعَ شَعِيرٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَ الِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ (فِي الْكِتَابِ) يَعْنِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارٌ لِلْغَالِبِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ نِصْفِ صَاعِ دَقِيقٍ لَا يُنْقِصُ قِيمَتَهُ نِصْفَ صَاعٍ مَا هُوَ دَقِيقُهُ بَلْ يَزِيدُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ نَقْصُهُ كَمَا قَدْ يَتَّفِقُ فِي أَيَّامِ الْبِدَارِ كَانَ الْوَاجِبُ مَا قُلْنَا.

(قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازً كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، يُرَاعَى فِيهِ الْقَدْرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَنَوَيْنِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>