كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ (وَلَوْ قَبَّلَ لَا يَفْسُدُ صَوْمٌ) يُرِيدُ بِهِ إذَا لَمْ يُنْزِلْ لِعَدَمِ الْمُنَافِي صُورَةً وَمَعْنًى بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ وَالْمُصَاهَرَةِ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَاكَ أُدِيرَ عَلَى السَّبَبِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. (وَإِنْ أَنْزَلَ بِقُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ) لِوُجُودِ مَعْنَى الْجِمَاعِ وَوُجُودِ الْمُنَافِي صُورَةً أَوْ مَعْنًى يَكْفِي لِإِيجَابِ الْقَضَاءِ احْتِيَاطًا، أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَتَفْتَقِرُ إلَى كَمَالِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ (وَلَا بَأْسَ بِالْقُبْلَةِ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ الْجِمَاعَ أَوْ الْإِنْزَالَ (وَيُكْرَهُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ) لِأَنَّ عَيْنَهُ لَيْسَ بِمُفْطِرٍ وَرُبَّمَا يَصِيرُ فِطْرًا بِعَاقِبَتِهِ فَإِنْ أَمِنَ يُعْتَبَرُ عَيْنُهُ وَأُبِيحَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ تُعْتَبَرُ عَاقِبَتُهُ وَكُرِهَ لَهُ، وَالشَّافِعِيُّ أَطْلَقَ فِيهِ فِي الْحَالَيْنِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا
قَوْلُ مَالِكٍ وَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ فِيهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ إلَخْ) أَيْ لَوْ قَبَّلَ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ صَارَ مُرَاجِعًا وَبِالْقُبْلَةِ أَيْضًا مَعَ شَهْوَةٍ يَنْتَشِرُ لَهَا الذَّكَرُ تَثْبُتُ حُرْمَةُ أُمَّهَاتِ الْمُقَبَّلَةِ وَبَنَاتِهَا (لِأَنَّ الْحُكْمَ) وَهُوَ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ (أَدْبَرَ عَلَى السَّبَبِ) لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ فِيهِمَا بِالِاحْتِيَاطِ فَتَعَدَّى مِنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الشُّبْهَةِ فَأُقِيمَ السَّبَبُ فِيهِ مَقَامَ الْمُسَبَّبِ أَعْنِي الْوَطْءَ (قَوْلُهُ أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَتَفْتَقِرُ إلَى كَمَالِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ) فَكَانَتْ عُقُوبَةً وَهُوَ أَعْلَى عُقُوبَةٍ لِلْإِفْطَارِ فِي الدُّنْيَا فَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهَا عَلَى كَمَالِ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ قَالَ بِالْوَاوِ كَانَا تَعْلِيلَيْنِ وَهُوَ أَحْسَنُ وَيَكُونُ نَفْسُ قَوْلِهِ تَفْتَقِرُ إلَى كَمَالِ الْجِنَايَةِ تَعْلِيلًا أَيْ لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى كَمَالِ الْجِنَايَةِ إذْ كَانَتْ أَعْلَى الْعُقُوبَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلِأَنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ مُفَطِّرًا شُبْهَةٌ حَيْثُ كَانَ مَعْنَى الْجِمَاعِ لَا صُورَتُهُ فَلَا تَجِبُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَيْنَهُ) ذَكَرَ عَلَى مَعْنَى التَّقْبِيلِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ ﵊: كَانَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ» «وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ ﵊ كَانَ يُقَبِّلُهَا. وَهُوَ صَائِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْمَسُّ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالتَّقْبِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute