للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَالْمُسْتَمْنِي بِالْكَفِّ عَلَى مَا قَالُوا (وَلَوْ ادَّهَنَ لَمْ يُفْطِرْ) لِعَدَمِ الْمُنَافِي (وَكَذَا إذَا احْتَجَمَ) لِهَذَا وَلِمَا رَوَيْنَا (وَلَوْ اكْتَحَلَ لَمْ يُفْطِرْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدِّمَاغِ مَنْفَذٌ وَالدَّمْعُ يَتَرَشَّحُ كَالْعَرَقِ وَالدَّاخِلُ مِنْ الْمَسَامِّ لَا يُنَافِي

إذَا كَرَّرَهُ فَأَنْزَلَ أَفْطَرَ.

وَمَا رُوِيَ عَنْهُ «لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى» وَالْمُرَادُ بِهِ الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ الْحَظْرِ الْإِفْطَارُ بَلْ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِفَوَاتِ الرُّكْنِ، وَهُوَ بِالْجِمَاعِ لَا بِكُلِّ إنْزَالٍ لِعَدَمِ الْفِطْرِ فِيمَا إذَا أَنْزَلَ بِالتَّفَكُّرِ فِي جَمَالِ امْرَأَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُفْطِرْ. وَغَايَةُ مَا يَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعْنَى الْجِمَاعِ كَالْجِمَاعِ. وَهُوَ أَيْضًا مُنْتَفٍ لِأَنَّهُ الْإِنْزَالُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ لَا مُطْلَقًا لِمَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالُوا) عَادَتُهُ فِي مِثْلِهِ إفَادَةُ الضَّعْفِ مَعَ الْخِلَافِ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى الْإِفْطَارِ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ: أَنَّهُ الْمُخْتَارُ كَأَنَّهُ اُعْتُبِرَتْ الْمُبَاشَرَةُ الْمَأْخُوذَةُ فِي مَعْنَى الْجِمَاعِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا مُبَاشَرَةَ الْغَيْرِ أَوَّلًا بِأَنْ يُرَادَ مُبَاشَرَةٌ هِيَ سَبَبُ الْإِنْزَالِ سَوَاءٌ كَانَ مَا بُوشِرَ مِمَّا يُشْتَهَى عَادَةً أَوْ لَا، وَلِهَذَا أَفْطَرَ بِالْإِنْزَالِ فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ وَلَيْسَ مِمَّا يُشْتَهَى عَادَةً، هَذَا وَلَا يَحِلُّ الِاسْتِمْنَاءُ بِالْكَفِّ ذَكَرَ الْمَشَايِخُ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ «نَاكِحُ الْيَدِ مَلْعُونٌ، فَإِنْ غَلَبَتْهُ الشَّهْوَةُ فَفَعَلَ إرَادَةَ تَسْكِينِهَا بِهِ فَالرَّجَاءُ أَنْ لَا يُعَاقَبَ» (قَوْلُهُ لِهَذَا) أَيْ عَدَمِ الْمُنَافِي (وَلِمَا رَوَيْنَا) مِنْ حَدِيثِ «ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ» وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ أَنَّ الْحِجَامَةَ تُفَطِّرُ لِقَوْلِهِ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا رَوَيْنَاهُ، وَبِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ لِأَنَسٍ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ: لَا إلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ أَنَسٌ: «أَوَّلُ مَا كُرِهَتْ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: أَفْطَرَ هَذَا ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ بَعْدُ لِلصَّائِمِ»، وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً (قَوْلُهُ وَلَوْ اكْتَحَلَ لَمْ يُفْطِرْ) سَوَاءٌ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي حَلْقِهِ أَثَرُهُ دَاخِلًا مِنْ الْمَسَامِّ وَالْمُفْطِرُ الدَّاخِلُ مِنْ الْمَنَافِذِ كَالْمُدْخَلِ وَالْمُخْرَجِ لَا مِنْ الْمَسَامِّ الَّذِي هُوَ خَلَلُ الْبَدَنِ لِلِاتِّفَاقِ فِيمَنْ شَرَعَ فِي الْمَاءِ يَجِدُ بَرْدَهُ فِي بَطْنِهِ وَلَا يُفْطِرُ. وَإِنَّمَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ أَعْنِي الدُّخُولَ فِي الْمَاءِ وَالتَّلَفُّفَ بِالثَّوْبِ الْمَبْلُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الضَّجَرِ فِي إقَامَةِ الْعِبَادَةِ لَا لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْإِفْطَارِ وَلَوْ بَزَقَ فَوَجَدَ لَوْنَ الدَّمِ فِيهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ. وَقِيلَ: يُفْطِرُ لِتَحَقُّقِ وُصُولِ دَمٍ إلَى بَطْنٍ مِنْ بُطُونِهِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>