للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى التَّرَاخِي، حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ.

(وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا) دَفْعًا لِلْحَرَجِ (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُ إفْطَارٌ بِعُذْرٍ (وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا خَافَتْ عَلَى الْوَلَدِ، هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالشَّيْخِ الْفَانِي. وَلَنَا أَنَّ الْفِدْيَةَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فِي الشَّيْخِ الْفَانِي، وَالْفِطْرَ بِسَبَبِ الْوَلَدِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَالْوَلَدُ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ أَصْلًا.

مَرِضَ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ ثُمَّ صَحَّ فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ: يَصُومُ الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ يَصُومُ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» وَلَنَا إطْلَاقُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، فَكَانَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا يَلْزَمُهُ بِالتَّأْخِيرِ شَيْءٌ، غَيْرُ أَنَّهُ تَارِكٌ لِلْأَوْلَى مِنْ الْمُسَارَعَةِ، وَمَا رَوَاهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فَفِي سَنَدِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: كَانَ يَكْذِبُ، وَفِيهِ أَيْضًا مَنْ اُتُّهِمَ بِالْوَضْعِ.

(قَوْلُهُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا) يَرُدُّ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُرْضِعِ الظِّئْرُ لِوُجُوبِ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْأُمِّ فَإِنَّ الْأَبَ يَسْتَأْجِرُ غَيْرَهَا، وَكَذَا عِبَارَةُ غَيْرِ الْقُدُورِيِّ أَيْضًا تُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ لِلْأُمِّ، وَكَذَا إطْلَاقُ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ» وَلِأَنَّ الْإِرْضَاعَ وَاجِبٌ عَلَى الْأُمِّ دِيَانَةً.

(قَوْلُهُ هُوَ يَعْتَبِرُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ (بِالشَّيْخِ الْفَانِي) فِي حُكْمٍ هُوَ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِإِفْطَارِهِ بِجَامِعِ أَنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>