للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ التَّطَوُّعِ أَيْضًا، وَالصَّبِيُّ أَهْلٌ لَهُ.

(وَإِذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِفْطَارَ ثُمَّ قَدِمَ الْمِصْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَنَوَى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ وَلَا صِحَّةَ الشُّرُوعِ (وَإِنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ) لِزَوَالِ الْمُرَخِّصِ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ ثُمَّ سَافَرَ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْإِقَامَةِ فَهَذَا أَوْلَى،

الْمَشَايِخِ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ الصَّبِيَّ كَانَ أَهْلًا فَتَتَوَقَّفُ إمْسَاكَاتُهُ فِي حَقِّ الصَّوْمِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ عَلَى وُجُودِ النِّيَّةِ فِي وَقْتِهَا، وَالْكَافِرُ لَيْسَ أَهْلًا أَصْلًا فَلَا تَتَوَقَّفُ فَيَقَعُ فِطْرًا فَلَا يَعُودُ صَوْمًا، وَمِنْهُمْ مَنْ تَمَسَّكَ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا بِمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي الصَّبِيِّ يَبْلُغُ وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ، قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ نِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلتَّطَوُّعِ

(قَوْلُهُ وَإِذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِفْطَارَ) أَيْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ نِيَّةُ الْإِفْطَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ إذَا قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلِ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِنِيَّةٍ يُنْشِئُهَا.

(قَوْلُهُ أَلَا تَرَى إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَخِّصَ السَّفَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ كَانَ الْخِطَابُ مُتَوَجِّهًا عَلَيْهِ بِتَعَيُّنِ الصَّوْمِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ فِيهِ بِحُدُوثِ إنْشَائِهِ. وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا صَحَّ عَنْهُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ «أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى إذَا كَانَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ وَهُوَ صَائِمٌ رَفَعَ إنَاءً فَشَرِبَ» اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُدْفَعَ بِتَجْوِيزِ كَوْنِ خُرُوجِهِ كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَأَيْضًا قَوْلُهُمْ: مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُرَخِّصُ، فَالْخِطَابُ بِالصَّوْمِ عَيْنًا مَمْنُوعٌ، لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ بِتَعَيُّنِهِ إنْ لَمْ يُحْدِثْ سَفَرًا فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَيَجِبُ الشُّرُوعُ قَبْلَهُ، فَإِذَا سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ زَالَ التَّعَيُّنُ لِأَنَّهُ كَانَ بِشَرْطِ عَدَمِهِ، وَهَذَا الْبَحْثُ مَذْهَبُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ حَكَاهُ بَعْضُ شَارِحِي كِتَابِ مُسْلِمٍ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَعَيُّنِ صَوْمِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ إذَا لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ، فَإِذَا نَوَاهُ لَيْلًا وَأَصْبَحَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُضَ عَزِيمَتَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلَا يَحِلُّ فِطْرُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَكِنْ لَوْ أَفْطَرَ فِيهِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ وَهُوَ السَّفَرُ قَائِمٌ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً وَبِهَا تَنْدَفِعُ الْكَفَّارَةُ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ كُرَاعِ الْغَمِيمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ فِطْرَهُ عِنْدَهُ لَيْسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنْ الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ لَا يَصِلُ إلَيْهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، بَلْ مَعْنَى قَوْلِ الرَّاوِي حَتَّى إذَا كَانَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>