للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ أَفْطَرَا فِيهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِيهِ (وَصَامَا بَعْدَهُ) لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَالْأَهْلِيَّةِ (وَلَمْ يَقْضِيَا يَوْمَهُمَا وَلَا مَا مَضَى) لِعَدَمِ الْخِطَابِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ السَّبَبَ فِيهَا الْجُزْءُ الْمُتَّصِلُ بِالْأَدَاءِ فَوُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ عِنْدَهُ، وَفِي الصَّوْمِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ وَالْأَهْلِيَّةُ مُنْعَدِمَةٌ عِنْدَهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا زَالَ الْكُفْرُ أَوْ الصِّبَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، لِأَنَّهُ أَدْرَكَ وَقْتَ النِّيَّةِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَجَزَّأُ وُجُوبًا وَأَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ مُنْعَدِمَةٌ فِي أَوَّلِهِ إلَّا أَنَّ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَنْوِيَ التَّطَوُّعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُونَ الْكَافِرِ عَلَى مَا قَالُوا، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ

قُيُودِ الضَّابِطِ، وَقُلْنَا: كُلُّ مَنْ تَحَقَّقَ أَوْ قَارَنَ وَلَمْ نَقُلْ مَنْ صَارَ بِصِفَةٍ إلَخْ لِيَشْمَلَ مَنْ أَكَلَ عَمْدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِأَنَّ الصَّيْرُورَةَ لِلتَّحَوُّلِ، وَلَوْ لِامْتِنَاعِ مَا يَلِيهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْمُفَادُ بِهِمَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِيهِ عَلَيْهِمَا) وَقَالَ زُفَرُ فِي الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ: يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّ إدْرَاكَ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الْأَهْلِيَّةِ مُوجِبٌ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ فِي الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ كَذَلِكَ. وَنَحْنُ نُفَرِّقُ بِأَنَّ السَّبَبَ فِي الصَّلَاةِ الْجُزْءُ الْقَائِمُ عِنْدَ الْأَهْلِيَّةِ أَيَّ جُزْءٍ كَانَ، فَتَحَقَّقَ الْمُوجِبُ فِي حَقِّهِمَا، وَفِي الصَّوْمِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُصَادِفْهُ أَهْلًا. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ فِي الْأُصُولِ الْوَاجِبُ الْمُؤَقَّتُ قَدْ يَكُونُ الْوَقْتُ فِيهِ سَبَبًا لِلْمُؤَدَّيْ وَظَرْفًا لَهُ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ سَبَبًا وَمِعْيَارًا وَهُوَ مَا يَقَعُ فِيهِ مُقَدَّرًا بِهِ كَوَقْتِ الصَّوْمِ تَسَاهُلٌ إذْ يَقْتَضِي أَنَّ السَّبَبَ تَمَامُ الْوَقْتِ فِيهِمَا وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ، ثُمَّ عَلَى مَا بَانَ مِنْ تَحْقِيقِ الْمُرَادِ قَدْ يُقَالُ: يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجِبَ الْإِمْسَاكُ فِي نَفْسِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ لِلْوُجُوبِ، وَإِلَّا لَزِمَ سَبْقُ الْوُجُوبِ عَلَى السَّبَبِ لِلُزُومِ تَقَدُّمِ السَّبَبِ، فَالْإِيجَابُ فِيهِ يَسْتَدْعِي سَبَبًا سَابِقًا، وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ لَزِمَ كَوْنُ مَا ذَكَرُوهُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ السَّبَبِيَّةَ تُضَافُ إلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ عَقِيبَهُ انْتَقَلَتْ إلَى مَا يَلِي ابْتِدَاءَ الشُّرُوعِ، فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ تَقَرَّرَتْ السَّبَبِيَّةُ فِيهِ، وَاعْتُبِرَ حَالُ الْمُكَلَّفِ عِنْدَهُ تَكَلُّفًا مُسْتَغْنًى عَنْهُ إذْ لَا دَاعِيَ لِجَعْلِهِ مَا يَلِيهِ دُونَ مَا وَقَعَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالُوا) إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ، وَأَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>