للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَمَامُهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِيِّ وَالْعَارِضِيِّ، قِيلَ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا الْتَحَقَ بِالصَّبِيِّ فَانْعَدَمَ الْخِطَابُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، وَهَذَا مُخْتَارُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ

(وَمَنْ لَمْ يَنْوِ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ لَا صَوْمًا وَلَا فِطْرًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ)

الْجُنُونِ لِأَنَّهُ يَسْتَتْبِعُ الْفَائِدَةَ أَوْ نَقُولُ: لَا فَائِدَةَ لِأَنَّهَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِلْحَرَجِ، فَلَوْ ثَبَتَ الْوُجُوبُ لَمْ يَكُنْ لِفَائِدَةٍ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ) إذَا حَقَّقْت مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا تَحَقَّقْت تَمَامَهُ.

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ) قِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ التَّأْوِيلِ، لِأَنَّ دَلَالَةَ حَالِ الْمُسْلِمِ كَافِيَةٌ فِي وُجُودِ النِّيَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ يَكُونُ صَائِمًا يَوْمَهَا، وَإِنَّمَا يَقْضِي مَا بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ النِّيَّةِ مِنْهُ فِيهَا، فَلِذَا أُوِّلَ بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا أَوْ مُتَهَتِّكًا اعْتَادَ الْأَكْلَ فِي رَمَضَانَ، وَمَنْ حَقَّقَ تَرْكِيبَ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يَنْوِ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ لَا صَوْمًا وَلَا فِطْرًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، جُزِمَ بِأَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ تَكَلُّفٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، بِخِلَافِ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِغْمَاءَ قَدْ يُوجِبُ نِسْيَانَهُ حَالَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ فَيُبْنَى الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ وَهُوَ وُجُودُ النِّيَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَهَتِّكًا يَعْتَادُ الْأَكْلَ فَيُفْتَى بِلُزُومِ صَوْمِهِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيْضًا لِأَنَّ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى قِيَامِ النِّيَّةِ، أَمَّا هَاهُنَا فَإِنَّمَا عَلَّقَ وُجُوبَ الْقَضَاءِ بِنَفْسِ عَدَمِ النِّيَّةِ ابْتِدَاءً لَا بِأَمْرٍ يُوجِبُ النِّسْيَانَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَدْرَى بِحَالَتِهِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَمَنْ شَكَّ أَنَّهُ كَانَ نَوَى أَوْ لَا أَمْكَنَ أَنْ يُجَابَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْبِنَاءِ عَلَى ظَاهِرِ حَالِهِ كَمَا ذَكَرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>