(وَإِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ نَفِسَتْ أَفْطَرَتْ وَقَضَتْ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تُحْرَجُ فِي قَضَائِهَا وَقَدْ مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (وَإِذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ أَمْسَكَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ مَنْ صَارَ أَهْلًا لِلُّزُومِ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ. هُوَ يَقُولُ: التَّشْبِيهُ خَلَفٌ فَلَا يَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ يَتَحَقَّقُ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ كَالْمُفْطِرِ مُتَعَمِّدًا أَوْ مُخْطِئًا. وَلَنَا أَنَّهُ وَجَبَ قَضَاءً لِحَقِّ الْوَقْتِ لَا خَلَفًا لِأَنَّهُ وَقْتٌ مُعَظَّمٌ،
لِأَبِي يُوسُفَ أَنْ يَقُولَ: الثَّابِتُ فِي الشَّرْعِ تَرْتِيبُهَا عَلَى الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ إذْ اسْمُ الْفِطْرِ لَا يَسْتَدْعِي سَابِقَةَ الصَّوْمِ، يُقَالُ: أَفْطَرْت الْيَوْمَ وَكَانَ مِنْ عَادَتِي صَوْمُهُ. إذَا أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ ثُمَّ أَكَلَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الْإِمْسَاكَاتِ الْكَائِنَةَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ مِنْ النَّهَارِ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْفِطْرِ، كَمَا أَنَّ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الصَّوْمِ فَيَتَحَقَّقَ الْفِطْرُ بِالْأَكْلِ إذَا وَرَدَ عَلَيْهَا، إلَّا أَنَّ هَذَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَا إذَا أَكَلَ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ. وَاَلَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّ الْمَلْحُوظَ لِكُلٍّ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَاقِعَةُ الْأَعْرَابِيِّ الْمَرْوِيَّةُ فِي الْكَفَّارَةِ لَمَّا كَانَتْ فِي فِطْرٍ بِمَا هِيَ مُشْتَهًى حَالَ قِيَامِ الصَّوْمِ هَلْ يُفْهَمُ ثُبُوتُهَا فِي فِطْرٍ كَذَلِكَ قَبْلَ الشُّرُوعِ، فَفَهِمَهُ أَبُو يُوسُفَ ﵀، وَفَهِمَ أَبُو حَنِيفَةَ عَدَمَهُ إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ جِنَايَةَ الْإِفْطَارِ حَالَ قِيَامِ الصَّوْمِ أَقْبَحُ مِنْهَا حَالَ عَدَمِهِ، فَإِلْزَامُ الْكَفَّارَةِ فِي صُورَةِ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ أَغْلَظُ لَا يُوجِبُ فَهْمَ ثُبُوتِهَا فِيمَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ خُصُوصًا مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ كُلِّ مَا زَادَ عَلَى كَوْنِهِ فِطْرًا جِنَايَةً فِي صُورَةِ الْوَاقِعَةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْكَفَّارَةِ مَعَ قِيَامِ الْفِطْرِ لِعَدَمِ الْجِنَايَةِ فِي ابْتِلَاعِ الْحَصَى وَنَحْوِهِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ أَصْبَحَ لَا يَنْوِي الصَّوْمَ ثُمَّ نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ ثُمَّ جَامَعَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ. وَجْهُ النَّفْيِ شُبْهَةُ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ، وَفِي الْمُنْتَقَى فِيمَنْ أَصْبَحَ يَنْوِي الْفِطْرَ ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الصَّوْمِ ثُمَّ أَكَلَ عَمْدًا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَالْكَلَامُ فِيهِمَا وَاحِدٌ
(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ مَنْ صَارَ أَهْلًا) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرٌ الْخِلَافِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُخْطِئِ مَنْ فَسَدَ صَوْمُهُ بِفِعْلِهِ الْمَقْصُودِ دُونَ قَصْدِ الْإِفْسَادِ كَمَنْ تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ عَدَمِ الْفَجْرِ أَوْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ الْفَجْرُ وَرَمَضَانُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَقْتٌ مُعَظَّمٌ) وَتَعْظِيمُهُ بِعَدَمِ الْأَكْلِ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُرَخِّصُ قَائِمًا وَأَصْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَاشُورَاءَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute