وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ الْمَنْعُ عَنْ تَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ عَنْهَا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ الْآفَاقِيُّ إذَا انْتَهَى إلَيْهَا عَلَى قَصْدِ دُخُولِ مَكَّةَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ قَصَدَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ
«أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ فَرَوَوْهُ عَنْهُ.
وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ مِيقَاتَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَابْنُ عَوْنٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي دَاوُد عَنْ نَافِعٍ، وَكَذَا رَوَاهُ سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا عُهِدَ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ: لَا يُعْلَمُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ جَدِّهِ، وَلَا أَنَّهُ لَقِيَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبُخَارِيُّ وَلَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتَ عِرْقٍ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا وَفِيهِ «وَلِأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتَ عِرْقٍ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْت لِعَطَاءٍ: إنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُوَقِّتْ ذَاتَ عِرْقٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ مَشْرِقٍ يَوْمئِذٍ فَقَالَ: كَذَلِكَ سَمِعْنَا «أَنَّهُ ﵊ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتَ عِرْقٍ»، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀، وَمِنْ طَرِيقِ الْبَيْهَقِيّ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «لَمْ يُوَقِّتْ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ عِرْقٍ وَلَمْ يَكُنْ أَهْلُ مَشْرِقٍ حِينَئِذٍ فَوَقَّتَ لِلنَّاسِ ذَاتَ عِرْقٍ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا أَحْسِبُهُ إلَّا كَمَا قَالَ طَاوُسٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ " قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ ﵁ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهِيَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنَّا إذَا أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا قَالَ: اُنْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ
"قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ: الْمِصْرَانِ هُمَا الْبَصْرَةُ وَالْكُوفَةُ وَحَذْوُهُمَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ مُجْتَهَدٌ فِيهَا لَا مَنْصُوصَةٌ اهـ.
وَالْحَقُّ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ عُمَرَ ﵁ لَمْ يَبْلُغْهُ تَوْقِيتُ النَّبِيِّ ﷺ ذَاتَ عِرْقٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَحَادِيثُ بِتَوْقِيتِهِ حَسَنَةً فَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادُهُ تَوْقِيتَهُ ﵊ وَإِلَّا فَهُوَ اجْتِهَادِيٌّ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ الْمَنْعُ مِنْ التَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْدِيمُ بِالْإِجْمَاعِ) عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، وَقَدْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ أَتَى مِيقَاتًا مِنْهَا لِقَصْدِ مَكَّةَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ سَوَاءٌ كَانَ يَمُرُّ بَعْدَهُ عَلَى مِيقَاتٍ آخَرَ أَمْ لَا، لَكِنَّ الْمَسْطُورَ خِلَافُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَمْعِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ ﵀: وَمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute