«لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا اسْتِلَامَ الْحَجَرِ» قَالَ (وَاسْتَلَمَهُ إنْ اسْتَطَاعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ مُسْلِمًا) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَوَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ»
«لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ») تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ فِيهِ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُلْحَقَ بِقِيَاسِ الشَّبَهِ لَا الْعِلَّةِ، وَيَكُونُ بَاطِنُهُمَا فِي هَذَا الرَّفْعُ إلَى الْحَجَرِ كَهَيْئَتِهِمَا فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَكَذَا يَفْعَلُ فِي كُلِّ شَوْطٍ إذَا لَمْ يَسْتَلِمْهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَلَمَهُ) يَعْنِي بَعْدَ الرَّفْعِ لِلِافْتِتَاحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ يَسْتَلِمُهُ.
وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَجَرِ وَيُقَبِّلُهُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عُمَرَ ﵁ جَاءَ إلَى الْحَجَرِ فَقَبَّلَهُ. وَقَالَ: إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ»
وَرَوَى الْحَاكِمُ حَدِيثَ عُمَرَ ﵁ وَزَادَ فِيهِ " فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، وَلَوْ عَلِمْت تَأْوِيلَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَقُلْت إنَّهُ كَمَا أَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ فَلَمَّا أَقَرُّوا أَنَّهُ الرَّبُّ ﷿ وَأَنَّهُمْ الْعَبِيدُ كَتَبَ مِيثَاقَهُمْ فِي رِقٍّ وَأَلْقَمَهُ فِي هَذَا الْحَجَرِ، وَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ وَشَفَتَانِ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ فَهُوَ أَمِينُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ﵁: لَا أَبْقَانِي اللَّهُ بِأَرْضٍ لَسْت بِهَا يَا أَبَا الْحَسَنِ " وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَحْتَجَّا بِأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ.
وَمِنْ غَرَائِبِ الْمُتُونِ مَا فِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي آخِرِ مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ ﵁ عَنْ «رَجُلٍ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ وَقَفَ عِنْدَ الْحَجَرِ فَقَالَ: إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ ﵁ فَوَقَفَ عِنْدَ الْحَجَرِ فَقَالَ: إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ» فَلْيُرَاجَعْ إسْنَادُهُ، فَإِنْ صَحَّ يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ حَدِيثِ الْحَاكِمِ لِبُعْدِ أَنْ يَصْدُرَ هَذَا الْجَوَابُ عَنْ عَلِيٍّ ﵁، أَعْنِي قَوْلَهُ بَلْ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ بَعْدَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ» لِأَنَّهُ صُورَةُ مُعَارَضَةٍ، لَا جَرَمَ أَنَّ الذَّهَبِيَّ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ الْعَبْدِيِّ إنَّهُ سَاقِطٌ، وَعُمَرُ ﵁ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ أَوْ النَّبِيُّ ﷺ إزَالَةً لِوَهْمِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ اعْتِقَادِ الْحِجَارَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْنَامُ، ثُمَّ هَذَا التَّقْبِيلُ لَا يَكُونُ لَهُ صَوْتٌ.
وَهَلْ يُسْتَحَبُّ السُّجُودُ عَلَى الْحَجَرِ عَقِيبَ التَّقْبِيلِ؟ فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute