للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ فَيَقِفُ حَتَّى يُقِيمَهُ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ بِخِلَافِ الِاسْتِلَامِ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ بَدَلٌ لَهُ.

قَالَ (وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ إنْ اسْتَطَاعَ) لِأَنَّ أَشْوَاطَ الطَّوَافِ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ، فَكَمَا يَفْتَتِحُ كُلَّ رَكْعَةٍ بِالتَّكْبِيرِ يَفْتَتِحُ كُلَّ شَوْطٍ بِاسْتِلَامِ الْحَجَرِ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الِاسْتِلَامَ اسْتَقْبَلَ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا (وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ) وَهُوَ حَسَنٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَا يَسْتَلِمُ غَيْرَهُمَا فَإِنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ

وَلِلرَّمَلِ، إنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ " سَمِعْت عُمَرَ يَقُولُ: فِيمَ الرَّمَلُ؟ وَكَشْفُ الْمَنَاكِبِ، وَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ تَعَالَى الْإِسْلَامَ وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا نَدْعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ " وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ مَنْقُولًا فَفِي مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيّ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ.

وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ «أَنَّهُ رَمَلَ ثَلَاثًا مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ». وَفِي آثَارِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ رَمَلَ مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ» فَهَذِهِ تُقَدَّمُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ وَذَلِكَ نَافٍ.

وَأَيْضًا فَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ فِي هَذِهِ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ مَا فَسَّرَ الْمُصَنِّفُ الرَّمَلَ بِهِ هُوَ مَا فُسِّرَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ. وَقِيلَ: هُوَ إسْرَاعٌ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَا دُونَ الْوُثُوبِ وَالْعَدْوِ. هَذَا وَالرَّمَلُ بِالْقُرْبِ مِنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ. فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَهُوَ بِالْبُعْدِ مِنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ بِلَا رَمَلٍ مَعَ الْقُرْبِ مِنْهُ. وَلَوْ مَشَى شَوْطًا ثُمَّ تَذَكَّرَ لَا يَرْمُلُ إلَّا فِي شَوْطَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الثَّلَاثَةِ لَا يَرْمُلُ بَعْدَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ) ذَكَرَ فِي وَجْهِهِ الْمَعْنَى دُونَ الْمَنْقُولِ وَهُوَ إلْحَاقُ الْأَشْوَاطِ بِالرَّكَعَاتِ فَمَا يَفْتَتِحُ بِهِ الْعِبَادَةَ وَهُوَ الِاسْتِلَامُ يَفْتَتِحُ بِهِ كُلَّ شَوْطٍ كَالتَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ قِيَاسُ شَبَهٍ لِإِثْبَاتِ اسْتِحْبَابِ شَيْءٍ وَفَتْحِ بَابِهِ قَوْلُهُ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» لَكِنْ فِيهِ الْمَنْقُولُ وَهُوَ مَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ طَافَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّرَ» (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الِاسْتِلَامَ) أَيْ كُلَّمَا مَرَّ (اسْتَقْبَلَ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ) وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَلَا كَثِيرٌ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ تَكْبِيرٍ يَسْتَقْبِلُ بِهِ فِي كُلِّ مَبْدَإِ شَوْطٍ، فَإِنْ لَاحَظْنَا مَا رَوَاهُ مِنْ قَوْلِهِ «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ يَنْبَغِي أَنْ تُرْفَعَ لِلْعُمُومِ فِي اسْتِلَامِ الْحَجَرِ» وَإِنْ لَاحَظْنَا عَدَمَ صِحَّةِ هَذَا اللَّفْظِ فِيهِ وَعَدَمَ تَحْسِينِهِ بَلْ الْقِيَاسُ الْمُتَقَدِّمُ لَمْ يَفْدِ ذَلِكَ إذْ لَا رَفْعَ مَعَ مَا بِهِ الِافْتِتَاحُ فِيهَا إلَّا فِي الْأَوَّلِ، وَاعْتِقَادِي أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَمْ أَرَ عَنْهُ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ) هَذَا هُوَ مُقَابِلُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي قَوْلِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَيُقَبِّلُهُ مِثْلَ الْحَجَرِ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ إلَّا التِّرْمِذِيَّ «لَمْ أَرَ النَّبِيَّ يَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ» لَيْسَ حُجَّةً عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ، إذْ لَيْسَ فِيهِ سِوَى إثْبَاتِ رُؤْيَةِ اسْتِلَامِهِ لِلرُّكْنَيْنِ، وَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ كَوْنَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاظَبَةِ وَلَا سُنَّةَ دُونَهَا غَيْرَ أَنَّا عَلِمْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى اسْتِلَامِ الْأَسْوَدِ مِنْ خَارِجٍ، فَقُلْنَا بِاسْتِنَانِهِ فَيَكُونُ مُجَرَّدُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ دَلِيلُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَكَذَا مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " مَا تَرَكْت اسْتِلَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>