للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه جاء يهودي يشتري تراب الرّصاص المحرق من جمالين الجامع الأمويّ، ودفع فيه ألف درهم. فراحوا - أي مباشرين الجامع الأموي - به إلى النايب الناظر على الجامع. فقال: ما أبيعه إلا بثلاثة آلاف درهم، فاشتراه اليهودي بذلك. وكان سبب مشترا اليهودي للتّراب، أن شخصا رآه يسرق/من التراب الرصاص، فمسكه ففزع اليهودي أنه يفتضح فجاء واشتراه. فلما اشتراه اليهودي طلب منه الثمن فتقلب، وقال: ما معي شيء، فجاء شخص فزايده فوصل إلى مائتين وخمسين أشرفيا، فاشتراه اليهودي بذلك. ثم دار اليهوديّ وزوجته يقولوا: غصبنا وغلبنا، يأخذوه، ليس لنا به حاجة، فخرج لهم شخص آخر فزايدهم فيه إلى أن وصل في سابعه إلى عشرين ألف درهم. ثم حصلت فيه المزايدة أيضا، وأبيع في خامس عشرينه، في الجامع الأموي بحضرة الجم الغفير بألف دينار ومايتي دينار وخمسين دينارا. اشتراه ناصر الدين البهسناويّ صيرفيّ القلعة ورفاقه، ثم جاء اليهودي المتقدم ذكره، وقال: عندي فيه بالأمانة عشره آلاف دينار. فقال ناصر الدين الذي اشتراه:

أنا أدفع ثمنه ومهما زاد للجامع أعمله من غير فايدة لي.

وكان في الجامع الأمويّ مرصّص جملونين (١) قبليّات، والنّسرين، والعبّارات.

فالذي سلم من الرّصاص من الحريق وضع في حاصل بالجامع، والذي احترق واختلط بالتراب أبيع.

وفيه كمل سقف مشهد الزيالع، المعروف بمشهد سيّدنا (٢) أبي بكر بالجامع الأمويّ من مال السلطان المتقدم ذكره، وهو صنعة/المعلم محمد ابن العجلونية (٣).

وفي ثامن عشره، ورد الخبر إلى دمشق بأن السّلطان، رجع من الحجاز إلى القاهرة، في حادي عشره ورسم بالزّينة لأجل سلامته.

وفيه كملت الخزاين بمشهد المؤذّنين بالجامع الأموي، المشهور بمشهد سيّدنا عروة بن الزّبير . وعدّتهم بالصّغار اثنان وخمسون خزانة، جدّدهم من ماله الجناب النّاصري، سيّدي محمد الدوادار الكبير، دوادار ملك الأمرا قانصوه اليحياويّ. وكان قبل الحريق به خزاين غير لاصقة. تشال وتحطّ لكلّ شخص خزانة، لكنّها كانت غلسة، طوال وقصار، وسود، ومكسّرة، فأعيدت أحسن ما كانت. ولله الحمد.


(١) جملون: أنشئ سقف الجامع الأموي بدمشق على شكل هرمي سمي جملون لأنه يشبه سنام الجمل.
(٢) مشهد أبي بكر: ينسب إلى الصحابي الخليفة الراشدي الأول أبي بكر الصديق.
(٣) محمد بن العجلونيّة: معلم في ترميم الجامع الأموي. ابن طولون. مفاكهة الخلان ١/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>