للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي ثالث عشرينه، نادى السلطان للغيّاب (١)، الذين كانوا في القاهرة، مغيّبين من وقعة الدوادار، بالأمان، والاطمئنان، فخرجوا وهم: برد بك (٢) المقدّم، وقانصوه الفاجر (٣) الوالي، وبرد بك المقدّم أيضا، ومسرباي، المقدّم الذي كان نفي لسكندرية، وجمع كثير من الأمرا، والخاصكيّة (٤)، والمماليك الذين هم من غرض أقبردي الدوادار. والأمور مخبّطة، وبالله المستعان.

[«هزيمة الأمير الدوادار من دمشق»]

وفي يوم الأربعا تاسع عشره، كانت الوقعة (٥) الكبرى بين الأمير أقبردي الدوادار الكبير، وبين العساكر الشامية، ونواب البلدان، فانكسر الأمير الدوادار، ومن معه من الأمرا، وانهزموا من دمشق ليلة الخميس عشرينه، وذلك لما بلغه وصول العساكر المصرية، الأمير كرتباي الأحمر نايب الشام، والأمير جان بلاط، نايب حلب ومن معه من الأمرا والمقدّمين إلى جسر يعقوب، وكان الدوادار له محاصر دمشق، نحو الخمسين يوما، وأحرقت أسواقها (٦)، وحصل لأهل دمشق/من الشدايد ما لا يوصف، وكان خفّ بها فصل الطاعون، ثم وقع فصل السيف، والناس في شدة عظيمة، وتزايدت الأسعار وارتفعت، وخرب من البلد مواضع كثيرة، بسبب وصول أقبردي إليها.

وأصل ذلك أنه لما وصل خبره، بأنه قد جاء إلى غزة (٧)، حصل للناس رعب


(١) الغيّاب: هم الأمراء المماليك الذين تغيبوا عن المشاركة في تجريدة السلطان ضد أقبردي الدوادار واختفوا في القاهرة ومدن مصر الأخرى. ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٣٨٣.
(٢) برد بك المقدّم: هو الأمير برد بك نائب صفد الذي وصل إلى دمشق للتجريدة على أقبردي ثم تخلف، فعزل من منصبه وتغيّب. إعلام الورى ص ١١٩. ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٣٨٤.
(٣) قانصوه الفاجر: تولى دوادارية دمشق، ثم عزله السلطان العادل، وأعاده حاجبا بدمشق، وفي زمن قانصوه الغوري لم يشارك في معركة مرج دابق وبقي في القاهرة مع المتخلفين. إعلام الورى ص ١٤٣،١٤٩،١٥٦،٢٧١. ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٣٨٤.
(٤) الخاصكية: وهم الذين يلازمون السلطان في خلواته ويسوقون المحمل، والمقربون في الدولة وعددهم يقلّ ويزيد حسب رغبة السلطان. ابن شاهين الظاهري: زبدة كشف الممالك ص ١١٦.
(٥) الوقعة الكبرى: حاصر أقبردي دمشق في ربيع الآخر سنة ٩٠٣ هـ وضربها بالمجانيق والمكاحل فقاومته دمشق بشدة وخاصة حي الشاغور، وفشل الحصار والقتال، وانسحب أقبردي بلا جدوى. مفاكهة الخلان لابن طولون ١/ ١٩٤،٢٠٠.
(٦) حرق دمشق: وقع حريق دمشق نتيجة القتال بين أقبردي وأعوانه ونواب البلدان الشامية وعسكر دمشق وذلك في ربيع الآخر عام ٩٠٣ هـ. مفاكهة الخلان لابن طولون ١/ ١٩٥.
(٧) غزة: مدينة تقع على الساحل الفلسطيني. ياقوت الحموي. معجم البلدان ٤/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>