للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يلتفت إليهم، حتى الأشراف يقفوا في خدمته، وأركان الدولة تعظمه، فكشف الله/أمره، واستمر في الترسيم في القلعة، إلى أن يحضر جواب السّلطان.

[[ظلم الناس بدمشق وإقامة الشرع على الظالم]]

وفي يوم السبت سابع عشريه، اتفق أنه تضارب جماعة من الفلاحين، فطلبت جماعة منهم الرّواح، والشكوى إلى نايب قلعة دمشق، وجماعة إلى القاضي الشافعي، فأرسل الشافعي خلفهم رسلا، فلما قربوا من بيته، أرسل نايب القلعة جماعة كثيرة، مسكوا الجماعة الذي طلبوا الشّرع، وضربهم ضربا مبرّحا، فلما بلغ ذلك لمولانا قاضي القضاة، شهاب الدين بن الفرفور، الشافعي المذكور، أرسل منع القضاة الثلاثة من الحكم ونوابهم، ومنع جميع شهود دمشق من الشهادة، ومنع المفتين من الإفتاء، فاختبطت دمشق. وقال: لا أحد يحكم ولا يشهد حتى يقام الشّرع على هذا الخبيث نايب القلعة. فلما بلغه ذلك، خاف خوفا عظيما، وترامى على الأتراك، فاجتمعوا معه، وأحضروه إلى بيت قاضي القضاة الشافعي، فحضر خايفا ذليلا ماشيا، وقبّل يده وحلف واعتذر، وباس الأمراء يد القاضي الشافعي، ودخّلوا (١) عليه أن يصفح عنه، فقبل منهم. وقال لنايب القلعة: اذهب إلى القضاة كلهم وقبّل يدهم، واعتذر إليهم ولا تعد لمثلها أجري عليك الأحكام الشرعية/ففعل. وذهب قبّل يدهم واحدا واحدا، وصار بعد ذلك أخفى من ليلة القدر.

وفي يوم الاثنين تاسع عشريه، وصل إلى دمشق من القاهرة، الأمير الدوادار الثاني للسلطان بها، ماماي (٢) وركب معه أركان الدولة والقضاة، واحتفل له الناس، وهرعوا له، ودخل بخلعة مذهبة بأجمعها بالذهب، ونزل تجاه الميدان بالمرجة.

شعبان: وفي يوم الجمعة ثالثه، رحل من دمشق الأمير ماماي الدوادار الثاني، وصلّى الجمعة بالجامع الأموي على باب بيت الخطابة، مكان قاضي القضاة الشافعي، وصلّيت إلى جانبه عن يساره، وصلّى حاجب الحجاب يونس (٣) عن يمينه، وإلى جانب الحاجب القاضي بدر الدين ابن أخي قاضي القضاة الشافعي، وإلى جانبه القاضي


(١) تدخّلوا عليه: أي رجوه بإلحاح شديد.
(٢) ماماي: هو ماماي من خداد الصغير، أمير مقدم ألف، الدوادار الثاني للسلطان، وقع أسيرا وقتل. بدائع الزهور لابن إياس ٣/ ٢١٤،٢٨٨.
(٣) يونس: هو يونس شرف الدين حاجب الحجاب بدمشق. مفاكهة الخلان لابن طولون ١/ ١٠٥،١٥٧. ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>