/جمادى الآخرة: مستهله الاثنين. وفي ثاني عشره، ورد المرسوم الشريف على نايب الشام سيباي، بأن يكون أمير الحاج الشامي، ويتوجه بنفسه أو بمن يثق به، فبادر ونادى في البلد بالتوجه إلى الحج، وكان الحاج الشامي له ستة أعوام، لم يسر على الدرب الشامي، وخرجوا يوم تاريخه بالصنجق الشريف النبوي، من قلعة دمشق إلى الجامع الأموي قبل صلاة الجمعة، واستبشر الناس منه بذلك، وحصل لهم من السرور ما لا يوصف، فلله الحمد والشكر على ذلك.
وفيه توفي الشيخ الإمام، العالم العلاّمة، الزاهد، العابد الشريف، سيدي:
• علي بن ميمون (١) المغربي. توفي بالقرب من بيروت، وصلّي عليه بالجامع الأموي صلاة الغائب، رحمه الله تعالى.
وفي هذا الشهر حصل بالبلاد الشامية، وباء في الوحوش، وفي البقر، حتى صار الرأس البقر يباع بدينار، فلم يجد من يشتريه.
[[القبض على جماعة من طلبة العلم]]
وفي خامس عشرين جمادى الآخرة المذكور، وصل هجّان إلى دمشق بالقبض/ على جماعة من طلبة العلم، منهم كاتبه، فوضعوا في التّرسيم من غير سبب، في بيت الحاجب برد بك تفاح ثمانية أيام، ولم أخطب يوم الجمعة بالجامع الأموي، فضاج الناس، وحضروا على الحاجب، وضمنون للجماعة، على أن نسافر إلى القاهرة، وبالله المستعان.
قلت: وسبب القبض على المؤرخ ذي الخط ومن معه، هو أن الأمير أركماس المعزول عن نيابة دمشق كان اشترى من جدّ والدي شيخ الإسلام، الإمام ولي الدين قاضي دمشق الشافعي، أماكن خلّفها أبوه ملكا، وكان الشراء بمصر. ثم بعد مجيئه إلى دمشق، أقام ابن الماحوزي، وابن الشريحي، ليشهدا على أبيه المتوفى، أنه وقف كفاية على ولده ولي الدين المذكور، بخصوصه لا على أخيه من أبيه من الحبشية، فقبل الخطيب المصري شهادتهما، وأثبت الوقفية المذكورة، ليبطل شراء أركماس المذكور.
فورد المرسوم للحاجب بمقابلتهم على ذلك، واتفق الأمر على سفرهم إلى مصر. ثم
(١) علي بن ميمون المغربي: ابن أبي بكر بن علي بن ميمون المغربي، صوفي قدم من المغرب إلى الشام ومات ودفن بها. شذرات الذهب لابن العماد ٨/ ٨١. ابن طولون. مفاكهة الخلان ١/ ٣٥٩. الغزي. الكواكب السائرة ١/ ٢٧١.