للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويقف في الصف الأول بين مؤرخي العصر العثماني في الشام ومصر (١). وكان شاهد عيان لكل ما سجله في كتابه، من حوادث ووفيات، وظواهر اجتماعية، أو مناخية.

[٥ - منهج ابن الحمصي وأسلوبه]

نهج ابن الحمصي في كتابه، نهج المؤرخين الإسلاميين التقليديين، فبدأ تاريخه بحمد الله والصلاة على نبيه، وذكر مقدمة عن علم التاريخ وأهميته، ثم كتبه على طريقة الحوليات بالأيام والشهور والسنين، فجاء سجلاّ يوميا، لما وقع بالشام ومصر، وجاراتهما من الحوادث الكبرى، والصغرى، في عصر المؤرخ. وقد رتب حوادث كل عام، تحت عنوان باسم ذلك العام بخط كبير. وكان يفتتح السنة بذكر الوظائف الكبرى في الدولة المملوكية، ومن يتولاّها، وخاصة إذا جاء بدء السنة موافقا لتولية سلطان جديد، بسبب ما يحصل من تغيير، وتبديل بين موظفي السلطنة، ويذكر المؤرخ أصل السلطان وماضيه، ثم ينتقل إلى ذكر الحوادث، والأخبار حسب ترتيبها الزمني، ثم يختم العام بذكر الوفيات والترجمة لأصحابها. ويطيل فيها إذا كان المترجم له من شيوخ ابن الحمصي أو من الشخصيات الهامة في الدولة، أو المجتمع، ويقصر الترجمة لغيرهم، وقد اقتفى ابن الحمصي أثر ابن حجر العسقلاني، في عنايته بتراجم النساء المحدّثات الفاضلات (٢).

ومنهج ابن الحمصي في التاريخ هو منهج إسلامي تقليدي، اتبعه من سبقه ومن جاء بعده من المؤرخين المسلمين، حتى القرن الثامن عشر، وكان كغيره من المؤرخين، سمّى تاريخه ذيلا على كتاب ابن حجر العسقلاني، فقد كانت العادة التي درجوا عليها، أن يقول معظمهم: إن تاريخه ليس سوى ذيل، أو تكملة لكتب من سبقهم. والهدف من ذلك، أن يستمدوا لأنفسهم من شهرة السابقين، بربط مؤلفاتهم إلى كتب، سلّم الناس بأهميتها من قبل (٣).

وهناك ظاهرة ملفتة للنظر، نهج عليها المؤرخون العرب المسلمون وهي:

اختصار كتبهم ومؤلفاتهم الكبيرة إلى صغيرة، وذلك للتسهيل على القارئ، والرغبة في التداول، أو التركيز على موضوعات معينة. وكذلك فعل مؤرخنا ابن الحمصي، باختصاره تاريخه الكبير، المفقود الآن في كتاب آخر سمّاه «حوادث الزمان».


(١) د. ليلى أحمد. دراسات في تاريخ ومؤرخي مصر والشام ص ١٨٣.
(٢) د. ليلى أحمد. دراسات في تاريخ ومؤرخي مصر والشام ص ١٨٣ - ١٨٤.
(٣) د. ليلى أحمد. دراسات في تاريخ ومؤرخي مصر والشام ص ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>