للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وركب هو وبعض الأمراء، بنيّة العود إلى المدينة، وكان تقدمهم الدوادار الثاني إلى وطاقه (١) بالربيع، فجاز السلطان عليه بالوطاق، ومعه جماعة يسيرة، فطلع إليه الدوادار الثاني ماشيا، فقال السلطان: إيش عندكم تضيّفونا، فأخرجوا إليه لبنا، وقدمه له فشرب منه، ومسك لجام فرس السلطان وزعق (٢)، وإذا بجماعة خرجوا من الخيمة ملثمين، فضربوا السلطان، قطعوا رقبته، وقتلوا معه جماعة أزبك العمري (٣)، وقان بردي البواب، وجانم ابن عمه، وجاني بك (٤) ابن عمه، وغيرهم. ومكث السلطان سنتين وثلاثة/أشهر ونصف ومات ، ابن سبع عشره سنة، وكان سفاكا للدماء، وكان يركب بطبل، وزمر، ومكاحل، وكفيات (٥)، ولم يعهد أنه تقدم ذلك لغيره.

وفي خامس عشره توفي الخواجا شهاب الدين:

• أحمد بن الحريران بدمشق.

ثم في نهار الخميس سادس عشره اجتمع العساكر، والأمراء، والقضاة، وأركان الدولة، ببيت الأمير تمراز، لكبر حوشه ليتفقوا على ولاية سلطان، فقالوا: الأمير أزبك الأتابكي، فلم يرض. فقالوا: الأمير تنبك الجمالي، أمير سلاح، فلم يرض.

فقالوا: الأمير قانصوه خال السلطان فلم يرض. فقالوا: انظروا إن كان الأمير قانصوه خمسمائة موجودا، ولم يقطع رأسه كما زعمتم، فأحضروه ليعاد على ولايته.

فنودي بمشاعليّة: من كان عنده، فليحضره وعليه الأمان، فلم يظهر لذلك نتيجة.

[«ولاية الملك الظاهر قانصوه»]

ثم في نهار الجمعة سابع عشره، اجتمع العساكر، والأمراء والقضاة، وأركان الدولة، ملبّسين بالسلاح الكامل في باب السلسلة بالقلعة، وقالوا للعسكر: من تختاروا؟ فقالوا: قانصوه خمسمائة. فقالوا لهم: ليس له وجود. فقالوا: بلى له وجود، فقالوا للعسكر: نأمر بمشاعليّة تنادي فإن لم يظهر ولّينا غيره/فنادوا: فلم يظهر له خبر، فعند ذلك قويت الجلبان، وقالوا: ما نولّي إلا خال السلطان.


(١) وطاق: كلمة تركية بمعنى الخيمة الكبيرة أو المخيم أو الغرفة.
(٢) زعق: صرخ وصاح.
(٣) أزبك العمري. ابن إياس: بدائع الزهور ٣/ ٤٠٢.
(٤) انظر: ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٤٠٢.
(٥) كفيّات: أدوات كان يطلق منها النار بواسطة البارود تحمل بالكف، لذلك سميت الكفيّات وهي تشبه ما يسمى (قربينا) أو طبنجة/أو المسدس في عرفنا الحالي. دهمان: معجم الألفاظ التاريخية ص ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>