للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[وقوع وباء الطاعون بمصر والشام]]

رجب: في مستهله ورد الخبر إلى دمشق، أن الطاعون وصل عدته في القاهرة، إلى عشره آلاف كلّ يوم، وأنّه مات به خلايق لا تعد لا تحصى، وكذلك في حلب وحماة وطرابلس، وابتدأ الآن بدمشق (١)، نسأل الله الوفاة على الإسلام.

وفي يوم الخميس رابع عشره، تولّى نظر الجوالي بدمشق، الأمير أزبك القجماسي، عوضا عن محب الدين سلامة الأسلمي، وهو في الترسيم بمصر.

/وفي يوم الاثنين سابع عشره، ادعى قاسم بن العيني (٢) الشاهد، على أقضى القضاة، جمال الدين يوسف بن طولون (٣) الحنفي، مفتي دار العدل، بحق شرعي لدى قاضي القضاة برهان الدين بن القطب (٤) الحنفي، فلم يلتفت ابن طولون إلى حكم الحنفي وفشّره (٥)، فأمر الحنفي بكشف رأس ابن طولون، فقام ابن طولون، وكشف رأس القاضي الحنفي، فعند ذلك أمر جماعته فمسك ابن طولون، وضرب، ثم أرسل إلى دار النيابة فبات في الترسيم، وعقد له يوم الاثنين في دار النيابة، بحضور القضاة الأربع ونايب الشام، فقال الحنفي أنا حكمت بحبس ابن طولون، ورواحه إلى الحبس مكشوف الرأس، فقال قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور الشافعي: لا عبرة بهذا الحكم، لأنك بالأمس عزّرته (٦) والآن ليس لك ذلك، لأنك ادّعيت أنّه خصمك، لأنه أرمى (٧) عمامتك. فقال القاضي الحنفي: أنا حكمت. فأمر النايب لمماليكه بكشف رأس ابن طولون، وأقاموه مكشوف الرأس. فغضب القاضي الشافعي، وقام من المجلس مغضبا، وتبعه بقية القضاة. فعند ذلك أمر النايب دواداره، وبقية القضاة أن يذهبوا إلى/القاضي الشافعي ويصالحوه، فذهبوا إليه وصالحوه واعتذروا له، فقال القاضي الشافعي: إنما غضبت لأنّكم هتكتم هذه


(١) انظر: ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٢٨٧.
(٢) قاسم بن العيني: هو شرف الدين قاسم بن العيني أحد العدول بدمشق مات سنة ٩١٨ هـ بدمشق ودفن بالصالحية. الغزي. الكواكب السائرة ١/ ٢٩٤.
(٣) جمال الدين يوسف بن طولون الحنفي الصالحي: نائب قاضي القضاة الحنفي بدمشق ومفتي دار العدل، وناظر زاوية السيوفية، مدرس بمدارس دمشق. انظر: مفاكهة الخلان لابن طولون ١/ ٢٢،١٢٠، ١٤٤،٣٠٧.
(٤) برهان الدين ابن القطب الحنفي: قاضي قضاة الحنفية بدمشق. مفاكهة الخلان ١/ ١٤٠.
(٥) فشّر: كذّب.
(٦) عزّر: التعزير هو: التأديب ومنه الضرب دون الحدّ. مختار الصحاح.
(٧) رمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>