للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شوال: ثبت أنّ أوله الجمعة قبيل الزوال، ونودي بالفطر والصلاة، فحضر الناس في الجوامع لصلاة العيد، واستمروا إلى أن صلّوا الجمعة، ثم توجه القضاة بعد الصلاة إلى تهنية النايب. فلما حضروا عنده قال: ما علمت بثبوت الشهر وإيش هذا الثبوت المخبّط، فعند ذلك غوّش عليه قاضي القضاة، شهاب الدين بن الفرفور الشافعي، وقال له كلاما كثيرا، ومن جملته: ليس لك معارضة في الأمور الشرعية.

فشرع النايب يمازح القاضي الشافعي المذكور، ويقول: أنا ما قلت هذا الكلام إلا خوفا عليك، فإنه إذا جاء العيد الجمعة، يزن القاضي الشافعي ألف دينار وبغلة.

فقال القاضي الشافعي للنايب: في أي كتاب هذه المسلة (١)؟ هذا شيء لم يرد عن الله ولا عن رسوله .

وفي يوم الخميس رابع عشره، لبس النايب خلعة عظيمة من قبل السلطان بطرز ذهب إلى الذيل، وركب معه القضاة وأركان الدولة، وسبب هذه الخلعة: أنه أرسل للسلطان على يد دواداره ازدمر (٢) حملا/بثلاثين ألف دينار، وكان ذلك، أي خروج الخلعة من القاهرة، قبل ما وقع منه في الشام، من ضرب السيف في قضية الشيخ مبارك المتقدم ذكرها.

وفي يوم الاثنين ثامن عشره، توجه الحاج الشامي من دمشق، مصحوبين بالسلامة وأميرهم أركماس الذي كان دوادار السلطان بدمشق، وهم في غاية الخوف من جوره وظلمه، حتى أنّه من القبة (٣) أرمى (٤) أحمال الناس، وأخذ جمالهم، فكيف حالهم في الطريق معه؟ اللهم الطف بهم. ولم يسافر معه من أعيان دمشق، سوى قاضي القضاة شمس الدين بن المزلق الشافعي المعزول، وبالله المستعان.

[[يتبع قضية الشيخ القابوني]]

وفي يوم الخميس حادي عشريه، ورد مرسوم السلطان لنايب الشام بأن يعيد


(١) الصواب: المسألة.
(٢) ازدمر: هو مشد نائب الشام بعثه سيده إلى مصر بمائة ألف دينار، وهو ما تحصّل في صندوق القلعة بدمشق بطلب من السلطان. مفاكهة الخلان لابن طولون ١/ ١٧٠.
(٣) القبة: هي قبة يلبغا في بلدة القدم خارج دمشق على طريق مصر. وكانت منزلة لاجتماع الحاج الشامي والانطلاق منها، وموضعا لاستقبال القادة والملوك القادمين من مصر وجنوب الشام. انظر: مفاكهة الخلان لابن طولون ١/ ١٠،٣٠٦،٣٨١. وانظر: تاريخ ابن قاضي شهبة ١/ ٢٩٢، ٢٩٧.
(٤) أرمى: رمى وقذف.

<<  <  ج: ص:  >  >>