للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على سيد الشيخ مبارك القابوني جميع ما نهبه له، والإنكار عليه في ذلك، ومرسوم آخر لأمير كبير يلباي، بأن يعيد على سيد مبارك جماله، التي أخذها منه ظلما، وعدوانا، والإنكار عليه في ذلك. وورد الخبر إلى دمشق، أنّ الشيخ مبارك مقيم في الجامع الأزهر، في غاية التعظيم، وأنّ مماليك السلطان يترددون إليه ويحضرون مجلسه، ويتبركون به وأنّه لم يأكل لأحد، ولم يقبل منهم الدرهم/الفرد ولما حصلت له المحنة المتقدم ذكرها، من كسره للحبس، وركوب الظّلمة عليه، وعلى جماعته، وقتلهم ما يزيد على مائة رجل من جماعته ومن الناس، على باب الجامع الأموي، ونهبهم للقابون، وطلب الظّلمة للشيخ مبارك، وإرسالهم إلى الطرق بسبب مسكه، وحضور مرسوم السلطان بالقبض عليه في الحديد، في أي مكان وجد، ضاقت عليه الأرض، فتوجه نحو القاهرة، فأول ما دخل صفد، خرج إليه سيدي الشيخ نعمة (١)، أعاد الله من بركاته، ولاقاه وقال له: اذهب إلى السلطان ما عليك خوف، ثم توجه من صفد إلى سيدي الشيخ محمد الجلجولي (٢)، أعاد الله من بركاته، فلاقاه وأكرمه، وزوده كسيرات وزعتر، وقال له: اذهب إلى السلطان ما عليك خوف، ثم توجه إلى القاهرة، ونزل بجامع الأزهر، فحصل له من المصريين غاية الإكرام والتعظيم، والتبرك به، وجاء إليه أركان الدولة في الجامع الأزهر يسلمون عليه، فلم يلتفت إلى أحد منهم، ولم يقبل منهم، وقال: أنتم تطلبونني، لأنّني آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، فأنا حضرت من غير طلب، وكتبوا لسيده المراسيم/التي تقدم ذكرها، بالإنكار على نايب الشام، وعلى يلباي أمير كبير، وأن يعيدوا لسيّده ما نهبوه من القابون، واعتذروا للشيخ مبارك غاية الاعتذار.

فانظر يا أخي! هذا عبد أسود، لمّا أخلص النيّة لله خلّصه الله منهم، وأطاعهم له. فسبحان مقلّب القلوب.

ذو القعدة: وفي يوم الخميس خامسه، عقد مجلس في دار النيابة بدمشق، بين شهاب الدين بن حجي الشافعي، وبين الشيخ علاء الدين البصروي الشافعي، بسبب وظايف في مدرسة التوريزية (٣)، وحصل بينهما كلام قبيح بحضور نايب الشام، قانصوه اليحياوي، وبحضور القضاة الأربع، وحاجب الحجاب يونس، وهو


(١) الشيخ نعمة: أحد شيوخ الصوفية في صفد، وكان عابدا وله اعتقاد ومكاشفات. انظر: ابن طولون. مفاكهة الخلان ١/ ١٦٧.
(٢) الشيخ محمد الجلجولي: محمد بن علي بن سالم الغزي الجلجولي القادري الصوفي. ولد بجلجوليا من فلسطين وأقام بها. السخاوي. الضوء اللامع ٨/ ١٨٤/٤.
(٣) مدرسة التوريزية: في محلة التوريزية بدمشق. ابن طولون. مفاكهة الخلان ١/ ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>