للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومفهوم ابن الحمصي عن التاريخ، موسوعي يندرج في إطار مفهوم المدرسة التاريخية العربية، التي كانت ترى أنّ التاريخ علم يسع غيره من العلوم، والفنون، والمقاصد، كالحوليات، والمدونات اليومية، والوفيات والتراجم (١).

وابن الحمصي كغيره من معاصريه، يورد الحوادث، والحقائق دون تحليل أو تعليل، أو استقصاء، أو ربط حادثة، أو خبر بأسبابه، أو نقده، إلا من بعض التعليقات على الحوادث، بهدف استخلاص العبرة والعظة.

وقد كان أسلوب ابن الحمصي في كتابه (حوادث الزمان)، سهلا، وكتب بلغة سهلة، خالية من الأخطاء اللغوية والنحوية، إلا أنّه يذكر في بعض الأحيان، عبارات أو كلمات عامية مثل «الأعوام» في سياق روايته عن ثورة جان بردي الغزالي بالشام سنة ٩٢٦ هـ١٥٢٠/ م، ضد السلطنة العثمانية فقال: «لما بلغه أن القلعة التي بدمشق قفلت وحصّنت، زحف عليها بعسكره، وبالأعوام ففتحها» (٢).

[٦ - أهمية تاريخ ابن الحمصي والنقول عنه]

يعتبر تاريخ ابن الحمصي «حوادث الزمان»، من المصادر المهمة جدا لدراسة تاريخ بلاد الشام، ومصر، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. وقد ركز ابن الحمصي اهتمامه في كتابه، على أخبار وحوادث مصر والشام، وكان اهتمامه بأخبار الولايات العربية ثانويا، وكان يعتمد في تسجيلها على ما يبلّغه له القادمون من البلاد الإسلامية المجاورة (٣)، ولكن أحداثه، ورواياته عن أخبار مصر والشام، فقد كان شاهد عيان لمعظمها، لأنه عاشها وتأثر بها، وجرت حول مكان إقامته في القاهرة، أو دمشق. وتأتي أهمية تاريخ ابن الحمصي، من تدوينه أحداث دمشق والشام ومصر في الفترة المملوكية، وفترة الانتقال من العصر المملوكي، إلى عهد السلطنة العثمانية، وخاصة بداية خضوع الشام للحكم العثماني، بعد معركة مرج دابق قرب حلب، التي انهزم فيها المماليك وانهارت مقاومتهم في مدن سورية.

وفي الجزء الثالث من كتاب (حوادث الزمان)، سجل ابن الحمصي أحداث عام ٩٢٢ هـ١٥١٦/ م، منذ خروج السلطان قانصوه الغوري مع جيشه من مصر، قاصدا الشام للتصدي للغزو العثماني، ووصف موكبه حين دخل إلى دمشق، والمدة التي


(١) د. ليلى أحمد. دراسات في تاريخ ومؤرخي مصر والشام ص ١٨٤.
(٢) ابن الحمصي: حوادث الزمان ج ٣ ص /٧١ أالمخطوط.
(٣) د. ليلى أحمد. دراسات في تاريخ ومؤرخي مصر والشام ص ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>