ابن عثمان بالبشارة لنائب الشام، وأهلها بفتح مدينة رودس، التي كانت سكن الفرنج، وقطاع البحر والطرق. وله في حصارها إلى الآن، نحو تسعة أشهر ففتح الله على المسلمين بأخذها، ونودي في دمشق بالزينة التامة فزيّنت».
- كما ذكر مؤرخنا عيد وفاء النيل بالقاهرة، وكيف يتم عيد (كسر النيل) وتخليق المقياس، وكان يقوم بهذه المهمة السلطان، أو الأتابك، ويتبع ذلك احتفال بهيج، توزع فيه الخلع، والهدايا على المبشرين بتمام الفيضان.
واهتم ابن الحمصي بموسم الحج إلى الديار المقدسة في الحجاز، فسجّل أخبار قافلة الحج، والمشرفين عليها في مصر، والشام في كل عام، منذ خروجها من دمشق، والقاهرة حتى وصولها، وأخبار عودتها، وما تتعرض له من مشكلات، واعتداءات في الذهاب والإياب. فمثلا ذكر حج الناس عام ٩٢٦ هـ، فقال: «في سابع عشره توجه الحاج من دمشق، وكان حجّ لم رؤي (١) مثله قط لكثرة الخلائق التي خرجت من دمشق، ومن حلب، ومن الروم، ومن سائر البلاد. اللهم اصحبهم بالسلامة بجاه محمد».
وقد رصد ابن الحمصي في تاريخه، جميع الجرائم، وأعمال السطو والنهب والسلب التي حدثت في دمشق وضواحيها. فكتب عن أحداث سنة ٩٢٧ هـ «مما تجدد في هذا الشهر استمرار الغلاء بدمشق، وتزايد الظلم بها، وخطف النساء من الأسواق، وغيره من القبائح، وبالله المستعان».
ولم ينس ابن الحمصي، أخبار الأمراض والأوبئة التي كانت تنتشر في مصر والشام، بين حين وآخر، فذكر في أحداث عام ٩١٦ هـ - ١٥١٠ م بشهر شوال:«وفي هذا الشهر شوال، حصل للناس حمّى، وسعال وزكام، وعمّ غالب أهل البلد، واشتد ذلك، وذكروا أنه كان هكذا في القاهرة، وفي غيرها من سائر البلاد». وكتب عن مرض الطاعون سنة ٨٧٤ هـ - ١٤٦٩ م فقال:«في مستهل المحرم تزايد الطاعون بدمشق، ومات منه خلائق لا تعد ولا تحصى، واستمر إلى ثالث شهر منها». ورصد ابن الحمصي الأحوال المناخية، والفلكية في مصر والشام، فتحدث عن كسوف الشمس، وخسوف القمر، والعواصف والبرق، والرعد، وسقوط الأمطار، والثلج والبرد، والصقيع، فكتب في شهر نيسان عام ٩١٦ هـ:«وقع بدمشق مطر كثير، وبرد ورعد لم يسمع نظيره، حتى قال الناس: قامت القيامة، وحصل منه ضرر عظيم».