للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم في يوم الجمعة حادي عشره لم يصلّ/السلطان الجمعة، لوعك حصل له منعه عن الصلاة، ولم يصلّ في القلعة الدوادار الكبير، ولا الأمير جان بلاط، ولا الأمير ماماي، وحصّن الأمير جان بلاط بيته، ووقع خبطة (١) عظيمة، وأشاعة العامة بأنّ الدوادار، وشادي بك، عزما على إحراق بيت جان بلاط، وماماي، فبلغ الأمير الدوادار ذلك، فأرسل إليهما الأمراء، فحضرا عنده بحضرة الأمراء فاستعطفهما. فلما بلغ السلطان نصره الله ذلك، أرسل الوالي يشبك قمر (٢)، ومعه المشاعلي (٣)، فنادا في حوش (٤) الدوادار: بأنّ الأمرا تذهب إلى بيوتهم، وأنّ مماليك السلطان كلّها تطلع إلى طباقها (٥)، وتنام فيها، وأنّ الأمير قانصوه خمسمائة، يحضر غدا ويلبس خلعته، آمنا على نفسه مطمئنا، وله الأمان.

ثم في يوم السبت ثاني عشره، طلع إلى القلعة الأمير قانصوه خمسمائة وعلى تخفيفته منديل الأمان، وتحت إبطه ثوب أبيض بعلبكي، إشارة إلى أنه كفنه، وتقدم وباس (٦) الأرض قدّام السلطان، فأنعم عليه بكاملية صيني بفروسمور (٧)، ونزل العسكر بأجمعه راكبين في خدمته إلى بيته بقناطر السباع (٨)، وزينت له الحارات التي بالقرب من بيته، وفرح به الأعوام/ (٩) من عساكر السلطان، ثم أرموا (١٠) بمدافع من


= القصرين، ويغلق هذا الباب ليلا تحت الحراسة فينقطع المرور منه إلى وقت السحر. المقريزي الخطط ١/ ٤٦٣.
(١) خبطة: اضطراب وعراك.
(٢) يشبك قمر: هو الأمير يشبك قمر والي القاهرة مقدّم ألف والدوادار الكبير، سافر مع العساكر المصرية لقتال حسن باك وقتل في تبريز. إعلام الورى ص ٩٢.
(٣) المشاعلي: هو الشخص المكلف بأعمال الإضاءة (من أرباب الضوء). معجم الألفاظ التاريخية المملوكية ص ١٣.
(٤) حوش: هي الدار الواسعة المحاطة بسور من كل جهاتها.
(٥) طباقها: بناء فيه أكثر من طبقة وهي ثكنات جيش المماليك بالقلعة، وكل طبقة تضم مماليك قدموا من بلد واحد. معجم الألفاظ، دهمان ١٠٥.
(٦) باس: تعني: القبلة على الأرض أو اليد أو الخد، وهي لفظ فارسي. معجم الألفاظ، دهمان ٣٠.
(٧) كاملية صيني بفرو سمور: وهي لباس خارجي كالعباءة أحدثها الملك الكامل الأيوبي وعند فتحة العنق تحاط بفرو سمور. معجم الألفاظ - دهمان ص ١٢٨.
(٨) قناطر السباع: أنشأها الظاهر بيبرس البندقداري ونصب عليها سباعا من الحجارة فسميت قناطر السباع وهدمها الناصر قلاوون (محمد) وبناها أوسع وأقل ارتفاعا سنة ٧٣٥ هـ. المقريزي، الخطط المقريزية ٢/ ١٤٦.
(٩) أي عامة الناس.
(١٠) أرموا: رموا.

<<  <  ج: ص:  >  >>