للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ملقى باللباس على التراب، ثم لبس المملوك الذي قتله تخفيفته (١)، وأخذ رأسه في ذيله، وطلع به إلى السلطان، فرسم بدفن/جثّته، وعلّق رأسه على باب السّلسلة، ونودي عليه: هذا جزاء من يعصي على السلطان. ثم أظهر السلطان الحزن على تمراز، وأعطاهم خمسين دينارا، ورسم بدفن رأسه وجثته على أبيه السلطان قايتباي. ونهبت الحواصل (٢) التي في المدارس البرقوقية (٣)، والجمالية (٤)، ومدرسة شيخ الإسلام (٥)، الشيخ زكريا الشافعي، وأخذ من بيت الدوادار الجديد، بسط، وقماش، ونحاس، وأمتعة، ورخام، وتحف لا تعدّ ولا تحصى، وكذلك من بيوت الأمرا، الذين هربوا معه، ونهب بيت كلّ من نسب إليهم من: مباشر، وإمام وخادم. وصارت القتلى كالرمل في الرّميلة وغيرها.

وأنتنت الطرقات من رائحة الجيف، من الخيل والآدميين. واستمرّت القلعة مع القاهرة، في الحصار سبعة وثلاثون يوما، وكان الدوادار يحاصر القلعة، من مدرسة السلطان حسن، وفيها مكاحله وكفيّاته (٦) وآلات الحرب. فلما انكسر الدوادار أخذت منها الآلات التي للحرب، وأحرقت الخلاوي (٧) التي بها، وهدم بعضها، وأحرق ما حولها من الأماكن، والربوعة (٨)، ونهبت. وبالله سبحانه التوفيق.

/وفي يوم الأحد ثامن عشريه، نادى السلطان، نصره الله تعالى؛ بالأمان،


(١) تخفيفته: سترته الفاخرة المذهبة.
(٢) الحواصل: جمع حاصل وهو مستودع الغلال أو الطعام وغير ذلك.
(٣) المدرسة البرقوقية: بناها الملك الظاهر برقوق بين القصرين وألحق بها سكنا للطلبة والعلماء، وأوقف لها أوقافا كثيرة وزودها بالمدرسين. الخطط للمقريزي ٢/ ٢١٥.
(٤) المدرسة الجمالية: وتقع بجوار درب راشد بالقاهرة على باب الزقاق المعروف قديما بدرب سيف الدولة نادر. بناها الوزير علاء الدين مغلطاي الجمالي، وجعلها مدرسة للحنفية وخانقاه للصوفية سنة ٧٣٠ هـ. الخطط ٢/ ٣٩٢.
(٥) مدرسة شيخ الإسلام: أنشأها شيخ الإسلام زكريا الأنصاري قاضي القضاة الشافعي.
(٦) كفّيات: جمع كفيّة وهي آلة تحمل بالكف تشبه الطبنجة يطلق منها النار بواسطة البارود. معجم الألفاظ التاريخية ص ١٣٠.
(٧) الخلاوي: الأماكن التي ينقطع فيها العابد للعبادة والزهد في الدنيا واتباع طريقة الصوفية. ومفردها الخلوة. القلقشندي، صبح الأعشى ٥/ ٤٧٤.
(٨) الربوعة: جمع ربع وهي الدار حيث كانت، وتجمع رباع وأرباع وربوع، ومنها ما أنشئ من مال الديوان السلطاني، ولا تزال تسمية الربع باقية في القاهرة حتى الآن، ومن أحيائها منطقة تحت الربع. ابن مماتي: قوانين الدواوين ص ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>