للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمراء أيضا، الأمير مسرباي الذي كان شاد الشراب خاناه، وكان له مدة مغيّب من خوفه من السلطان، فحضر عليهم، وأمّنوه وخلعوا عليه خلعة الرّضى. واستمروا كذلك مجتمعين، إلى أن صلّوا الجمعة باليزبكية، وخرجوا مطلّبين إلى بيت الأمير تمراز، سكن الأمير طومان باي الدوادار الكبير، بالقرب من القلعة، ودقوا الطبول وهم سد فولاذ، خلا الأمراء فإنهم لابسين تحت الثياب، وأمير آخور كبير، وتمر المحتسب في الحديد معهم بين الخلق، ثم نزل الأمراء ببيت الدوادار الكبير، وتفرّق العساكر حول القلعة لمحاصرتها، فملك الأمراء منهم سبيل المؤمني، ومدرسة السلطان حسن، واستمروا في الحصار، الفواقة (١) يرموا، والتّحاتة (٢) يزحفوا إلى الليل.

/ثم في يوم السبت، تاسع عشريه، زحف الأمراء، والعساكر على القلعة، فملكوا منهم الميدان، واستمروا في الحصار، التّحاتة في زيادة، والفواقة في نقص، ثم حرقوا باب السلسلة، وملكوه، ودخلوا الإسطبل، وأخذوا خيل السلطان. وكلّ من نزل من المماليك من القلعة باختياره، يحسن له الأمير الدوادار الكبير ويكرمه.

ثم إنّ السلطان في القلعة، فرّق على المماليك الذين بها الذهب والفضة، ليقووا على الرمي، فاشتغلوا بذلك، فبطل رمي القلعة، نحو العشرين درجة، فزحف التّحاتة على القلعة، فنزلوا المماليك السلطانية طايعين، وفتحوا باب المدرّج (٣)، فطحم العساكر إليها، وجدوا السلطان قد تزيّن بين النساء، ونزل معهم، واختفى، ولم يعلم له خبر. فملكوا القلعة، وأمّنوا المماليك السلطانية، وسلّموا باب المدرج للأمير طرباي الدوادار الثاني، وباب السلسلة للأمير قيت الرّجبي، وكان ذلك بعد الظهر بعشرين درجة.

/وجهزوا ستة عشر هجّانا، لقصروه نايب الشام، ولبقية النياب يخبروهم بأخذ القلعة وبهرب السلطان، ولم يقتل في هذه الوقعة إلا القليل من الفريقين، وأرسلوا خلف المتدرّكين (٤) للبلاد، يفتشوا على السلطان، ووعدوهم على مسكه بالأموال، والإقطاعات وغيرها.

وفي ختامه توفي الأمير:


(١) الفواقة: وهم مماليك السلطان المتحصنون في القلعة ويقاتلون مهاجميهم بالمكاحل وغيرها.
(٢) التّحاتة: وهم المماليك الثائرون على السلطان مع أمرائهم يهاجمون القلعة زحفا لإسقاط نظام الحكم وتغيير السلطان.
(٣) باب المدرّج: من أبواب قلعة الجبل بالقاهرة. ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة ١٥/ ٦٤.
(٤) المتدرّك: الرجل الخبير القادر على البحث والكشف والتبصر والتفتيش للوصول إلى الغاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>