للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونايب بعد نايب، مطلّبين ملبّسين، والمشاة، والعربان، والرماة قدّام كلّ نايب بلد واستمروا كذلك إلى بعد أذان الظّهر، فلما ضاقت القصبة على الناس تفرقوا في الحارات. ثم في آخر الجميع، دخل المقرّ الأشرف طومان باي المذكور، والمشاعلية تنادي بين يديه، بالأمان، ولقّب بالملك العادل، وكان له نهار مشهود (١)، لم يشهد لغيره من الملوك، ثم زحفوا على الرّميلة، وشرعوا في حصار القلعة، وبالله المستعان.

وفي يوم الأحد ثاني عشره، استمروا في الحصار وحمي الحرب بينهم، واشتد الأمر، لأن القلعة حصّنها السلطان جان بلاط، تحصينا عظيما، ونزل العادل طومان باي ببيت الأمير تنبك قرا، بالصّليبة (٢) ونزل الأمير قصروه باليزبكية، وتفرق بقية الأمراء الشاميين، في بيوت الأمراء الذين بالقلعة، وكذلك نواب البلدان، تفرقوا في البلد، وصار العسكر الشامي يجتمع حول القلعة، على بعد عنها، لأنّه نازل منها الرمي، من المكاحل، والكفيات، والبارود،/صفة الغضب (٣).

وفي يوم الاثنين ثالث عشره، توفي الحاج:

• جوهر مقوي الباسطي بالقاهرة.

وفيه استمر الحرب وملك العسكر الشامي، من جماعة القلعة، مدرسة السلطان حسن بالرميلة، وقتل من الفريقين جمع، وأخذوا من الفواقة المرستان العتيق (٤)، وسبيل المؤمني، وباب الميدان، وسكن الرمي من القلعة.

وفي يوم الثلاثا رابع عشره، استمر الحرب بينهم، وترجّح جانب العسكر الشامي، على أهل القلعة، ونزل منها جمع (للتّحاتة) من المماليك وغيرهم، وحضر القاضي زين الدين القصروي، الذي كان ناظر الجيش، وخلع عليه السلطان الملك العادل طومان باي (٥).

وفي يوم الأربعاء خامس عشره، قوي الحرب بين الفريقين، وأحرقت الدّور التي حول القلعة، وقتل جمع كثير، ومنعوا عن أهل القلعة الأكل والشرب الذي كان


(١) انظر: ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٤٥٨.
(٢) الصليبة: وهي صليبة أحمد بن طولون عند الخانقاه الشيخونية بالقاهرة، وهي اليوم حيّ كبير، وكان يسمى خط الصليبة وبه المدرسة الصرغتمشية. النجوم الزاهرة ١٥/ ٥٨ لابن تغري بردي. ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٤٥٨.
(٣) صفة الغضب: أي تعبيرا عن الغضب.
(٤) المرستان العتيق: هو المرستان الكبير المنصوري بالقاهرة. الخطط المقريزية ٢/ ٤٠٦.
(٥) انظر: ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>